للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ}، فإنه خبرٌ منه ــ تعالى ذكره ــ أنه لا رب للعالمين غيره، ولا يستوجب على العباد العبادة سواه، وأن كل ما سواه فَهُمْ خَلْقُه، والواجب على جميعهم طاعته والانقياد لأمره وترك عبادة ما سواه من الأنداد والآلهة، وهجرُ الأوثان والأصنام؛ لأن جميع ذلك خلقه، وعلى جميعهم [١٦٧] الدينونة له بالوحدانية والألوهة، ولا تنبغي الألوهة إلا له؛ إذ كان ما بهم من نعمة في الدنيا فمنه دون ما يعبدونه من الأوثان ويشركون معه من الأشراك ...

ثم عَرَّفَهُمْ تعالى بالآية التي تتلوها ... فقال تعالى ذكره: أيها المشركون إن جهلتم أو شككتم في حقيقة ما أخبرتكم من الخبر من أن إلهكم إله واحد دون ما تدَّعون ألوهيته من الأنداد والأوثان فتدبَّروا حججي وفكِّروا فيها، فإن مِنْ حججي خَلْقَ السموات والأرض واختلاف الليل والنهار ... فإن كان ما تعبدونه من الأوثان والآلهة والأنداد وسائر ما تشركون به ــ إذا اجتمع جميعه فتظاهر أو انفرد بعضه دون بعضٍ ــ يقدر على أن يخلق نظير شيءٍ من خلقي ــ الذي سَمَّيْتُ لكم ــ فلكم بعبادتكم ما تعبدون من دوني حينئذٍ عذرٌ، وإلَّا فلا عذر لكم ... " (١).

وقال في تفسير آية الكرسي {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}: "قد دللنا فيما مضى على تأويل قوله: {اللَّهُ}، وأما تأويل قوله: {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فإن معناه: النهي عن أن يُعبد شيء غير الله الحي القيوم الذي صفته ما وصف به نفسه تعالى ذكره في هذه الآية، يقول: الله الذي له عبادة الخلق، الحيُّ


(١) ٢/ ٣٥. [المؤلف]