للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وغيرها، وكما جاء في «الصحيح» (١) في شأن ودّ وسُواع ويغوث ويعوق ونسر: أنها أسماء رجالٍ صالحين كانوا في قوم نوح فهلكوا، فاتخذ لهم مَن بعدهم تماثيل، وسمَّوها بأسمائهم وعبدوها، وكما هي العادة العامة في الصور والتماثيل، فيقال في صورة الفرس: «هذا فرس»، ويقال في صورة الرجل المعروف أو تمثاله: «هذا فلان» باسم ذلك الرجل، فاشتهرت تلك الأسماء: اللات والعزى ومناة في تلك التماثيل، وتُنوسِيَ أمر الجاهلية، فظن كثير من المفسرين أنها المرادة في آيات النجم، فوقعوا في خبط شديد.

وقد أوضحت هذا المقام في «كتاب العبادة» ولله الحمد، وذكرت أدلته من السنة والتاريخ وغيرهما.

وقال تعالى: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١١٦) إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِنْ يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَرِيدًا} [النساء: ١١٦ - ١١٧].

وقد مر أن عبادة الشيطان هي طاعته في شرعِ الدين، ولعبادته وجه آخر، وهو: أن من شأنه أن يتعرض لعبادة البشر، لتكون في الصورة له. ولذلك جاء في الحديث: «إن الشمس تطلع بين قرني شيطان، وحينئذٍ يسجد لها الكفار» (٢).

فالشمس لا تزال طالعة، تطلع على قطعة من الأرض، ثم على التي غربيها، وهكذا. فإذا طلعت على قطر [ص ١٠٠] انتصب الشيطان بين أهل ذلك القطر وبينها؛ لأن من أهل ذاك القطر من يسجدون لها عند طلوعها،


(١) البخاري (٤٩٢٠).
(٢) أخرجه مسلم (٨٣٢) من حديث عمرو بن عبسة.