للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيخيل الشيطان أنهم إنما سجدوا له، مع أنهم عابدون له من جهة الطاعة، كما مر.

ولكنه لا يقف عند ذلك، بل يتعرض لعبادة الله عز وجل، فإذا رأى من يصلي لله عز وجل حاول أن يقف أمامه، ولذلك أمر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - باتخاذ السترة، مع الاستعاذة.

وتحقيق هذا يطول، وقد أوضحته في «كتاب العبادة».

فلما رأى الشياطين أن المشركين يعبدون إناثًا غيبيات، وسموها: اللات والعزى ومناة، ونصبوا لها التماثيل= قال الشياطين: ليس هناك إناث غيبيات عن الناس يحببن أن يُعبدن إلا من الشياطين، فعمدوا إلى شيطانةٍ سموها «العزى»، ووكلوها بتمثال «العزى»، وهكذا ...

ويوضح ذلك ما روي في الحديث في قصة هدم «العزى»، وفيه (١): «فأتاها خالد، وكانت ثلاث سَمُرات، فقطع السمرات، وهدم البيت الذي كان عليها، ثم أتى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - فأخبره، فقال: ارجع، فإنك لم تصنع شيئًا فرجع خالد، فلما أبصرته السدنة مضوا وهم يقولون: يا عزَّى! يا عزَّى! فأتاها فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها، تحثو التراب على رأسها، فجعل يضربها بالسيف حتى قتلها، ثم رجع إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - فأخبره، فقال عليه الصلاة والسلام: تلك العزى». راجع «الدر المنثور» (٢)، وغيره.


(١) أخرجه النسائي في «السنن الكبرى» (١١٥٤٧) والبيهقي في «دلائل النبوة» (٥/ ٧٧) من حديث أبي الطفيل.
(٢) (١٤/ ٣٠، ٣١).