يتطاولن في الجدار، ثم كانت أولهن لحوقًا به - صلى الله عليه وآله وسلم - زينب بنت جحش، وكانت من أقصرهن، ولكنها كانت أكثرهن صدقة، فعلمن أنه - صلى الله عليه وآله وسلم - إنما عنى بطول اليد كثرة الصدقة.
أقول: من تدبر أصل القصة بان له أن قوله: «أطولكن يدًا» ليس بظاهر في طول اليد الحقيقي، [ص ٥٣] بل هو ظاهر في كثرة الصدقة، فمن لم يدقق تدافع عنده الاحتمالان، فيبقى الكلام مجملًا.
وبيان ذلك بأوجه:
الأول: أن التصريح بأن فلانة ستموت قبل صواحبها مخالفٌ للحكمة الشرعية، ما لم تتعلق به مصلحة، ولا تظهر هنا مصلحة. وقوله:«أطولكن يدًا» لو أراد به الحقيقة، لكان تصريحًا؛ لأنهن يتطاولن فيعرفن التي هي أطولهن يدًا.
الثاني: أنهن كن معتدلات الخلق، فأطولهن يدًا لابد أن تكون أطولهن مطلقًا، فلو أراد الطول الحقيقي لقال:«أطولكن»، واكتفى به. فما فائدة زيادة «يدًا»؟ !
الثالث: أنه لو أراد الطول الحقيقي لكان تصريحًا، كما مر، فلماذا عدل عن أن يسميها باسمها إلى قوله:«أطولكن يدًا»، وحملُهن على التطاول لا تظهر فيه مصلحة؟ !
الرابع: أن سرعة اللحاق به كانت عندهن فضيلة مرغوبة لهن، فالظاهر أن ترتب على عمل صالح، وليس الطول الحقيقي كذلك.