للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُوي عن أنس: أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -، فاستحمله، فقال: «إنا حاملوك على ولد ناقة». قال: يا رسول الله، ما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «وهل تلد الإبلَ إلا النوقُ؟ ». انظر «مسند أحمد» (٣/ ٢٦٧) (١).

«استحمله»: أي سأله بعيرًا يركبه، ويحمل عليه متاعه وزاده في السفر.

و«ولد الناقة»: أصله في اللغة ما ولدته الناقة، صغيرًا كان أو كبيرًا، لكن من الحيوان ما لا يعرف للصغير من أولادها اسم خاص، فيقال مثلًا: «ولد زرافة» يراد الصغير , كما يقال: «ابن زرافة». فأما «الإبل» فللكبير منها اسم خاص، كبعير وجمل وناقة، وللصغير اسم خاص كفَصِيل. فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «ولد ناقة» قد يتبادر منه الصغير، كما في «ولد زرافة»، والوجه أن يكون محتملًا؛ لأنه إن قيل: لو أراد الكبير لقال: «على بعير» أو «على جمل»، قيل: ولو أراد الصغير لقال: «على فصيل». وإذا كان الأمر كذلك، فقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: «إنا حاملوك» ظاهره بيِّن في أنه إنما أراد الكبير؛ لأن الصغير لا يحمل عليه، والرجل إنما سأل الحملان لحاجته إليه في الحال، والصغير لا يغني عنه شيئًا في حاجته، لكن لما كان لا يكاد الناس يقولون: «ولد ناقة»، ويقولون: «ولد زرافة» ونحوه في الصغير= استعجل الرجل، ففهم الصغير.

وأراد النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أولًا ملاطفة الرجل؛ ليخفَّ عنه ما أصابه من غمّ الانقطاع، ولينبهه إذا أخطأ، فيكون في ذلك تعليم له، ليحتاط بعد ذلك فلا يستعجل في البناء على ما يتراءى له من الكلام حتى يتدبره.


(١) رقم (١٣٨١٧). وأخرجه أيضًا البخاري في «الأدب المفرد» (٢٦٨) وأبو داود (٤٩٩٨) والترمذي (١٩٩١) وغيرهم، وإسناده صحيح.