للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[ص ٥٦] ومما قد يدخل في هذا القبيل: ما روي في إرشاد من أحدث وهو في صلاة الجماعة أن يأخذ بأنفه ويخرج من المسجد (١).

قالوا (٢): والحكمة في ذلك إيهام أنه رُعِف.

وأقول: الأخذ بالأنف هنا عملٌ ليس بكلام، ولكنه يدل على خبر، كأنه يقول: إني رُعِفت.

وقد يقال: إن هذا داخلٌ في معنى الكذب.

وأقول: أما من علم بما روي في الإرشاد إلى ذلك، فإنه إذا رأى إنسانًا فعله لم يفهم منه معنى «إني رُعِفت»، بل يحتمل عنده أنه رعف، ويحتمل أنه أحدث وإنما أخذ بأنفه اتباعًا للمروي في ذلك، وبهذا يخرج ذاك الفعل عن معنى الكذب البتة. وأما من جهل ما روي في ذلك، فقد ينسب التقصير إليه بجهله.

ومن عادة الناس أنهم يعيبون من أحدث في صلاته، ويضحكون منه، فقد يُخشى على من أحدث في صلاته أن يستمر فيها ظاهرًا خوفًا من عيب الناس وضحكهم، ففي الأخذ بالأنف ما يدفع المفسدتين، فإن الناس لا يعيبون من أصابه الرعاف في الصلاة، فإذا علم الإنسان أن أخذه بأنفه يدفع عنه عيب الناس وضحكهم لم يشق عليه قطع الصلاة والخروج.


(١) أخرج أبو داود (١١١٤) وابن ماجه (١٢٢٢) وابن خزيمة (١٠١٨) وابن حبان (٢٢٣٨) وغيرهم عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أحدث أحدكم وهو في الصلاة فليأخذ على أنفه، ثم لينصرفْ». وإسناده صحيح.
(٢) انظر «معالم السنن» (٢/ ٢٢).