للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: إنما يحسن مثل هذا حيث يكون المستثنى واضح الخروج من المستثنى منه، وليس الأمر ههنا كذلك.

وقد سماها في الحديث الآخر «خطايا»، ونظمها في سلك أكل آدم من الشجرة، وقتل موسى للنفس، وحكم إبراهيم بأنها تقصر به عن مقام الشفاعة، وتقتضي استحياءه من ربه لأجلها.

وبالجملة، فالجواب عن تلك الكلمات بأنها ليست بكذب كما ترى (١).

وثَمَّ جوابٌ آخر، وهو أن الظاهر أن تلك الكلمات وقعت من إبراهيم عليه السلام قبل نبوته، كما أن قتل موسى [ص ٦١] النفس كذلك، وقد قصَّ الله تعالى عنه أنه ذُكِّر بتلك الفعلة، فقال: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: ٢٠ - ٢١].

وقريب من ذلك حال آدم، فإن أكله من الشجرة كان في الجنة قبل النبوة المعتادة.

وقد قال الله تعالى في القصة التي ذكر فيها قول إبراهيم: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} وهي إحدى الكلمات: {قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ


(١) ذكر المؤلف هنا كلامًا وأحاطه بدائرة، ونصه: (فإن قيل: فما حكمها في شرعنا؟ قلت: أما من جهة الاسم فالظاهر دخولها في الكذب، وأما من جهة الإثم فلا إثم في مثلها إذا وقع ممن ليس بنبي، بل يمكن أن يقال بالاستحباب. فأما الأنبياء فالذي يظهر من الأدلة أنه ينبغي تنزههم عنها؛ لما يأتي في المطلب العاشر، إن شاء الله تعالى).