الأول: أن كلًّا من التأويل والقرينة لا يطَّرد فيه الإخراج عن الكذب كما تقدم بيانه.
وقد يجاب بأن الكلام إنما هو في دفع أن تكون الاستعارة كذبًا من جهة التعبير عن الشيء باسم غيره، فبنى على الغالب من أن يكون اعتقاد المخبر مطابقًا في نفس الأمر، وأنه إنما يريد إفهامه ولكن أتى بالاستعارة.
مثاله: أن تفرض أنه رأى نارًا على جبلٍ، فعرف أنها نار، وأراد إفهام ذلك فقال:«رأيت نجمًا يُصطَلى به». فقد يتوهم في هذا أنه كذب، لأن الواقع أنه رأى نارًا، وفي الخبر أنه رأى نجمًا، فمقصود صاحب التلخيص دفعُ هذا الوهم فقط.
الأمر الثاني: أن الكذب هو عدم مطابقة الخبر للواقع، والتأويل عمل ذهني لا أثر له في الخبر، فكيف يُعدُّ مخرجًا له من الكذب؟ ويتبين فيما إذا لم يُؤتَ بالقرينة بل قال في المثال المذكور «رأيت نجمًا»، فمدلول الخبر أنه رأى نجمًا على الحقيقة، والواقع أنه رأى نارًا.
وقد فسَّر السيد الشريف الجرجاني قول صاحب «المفتاح»: «وتفارق الكذب بنصب القرينة» بقوله (١): «أراد بالكذب الكذب العمد، وصاحبه لا ينصب القرينة، بل يروج [ظاهره]».