فإن قيل: فإذا كان لابدَّ من القرينة، فكان ينبغي الاكتفاء بها، والإعراض عن التأويل.
فالجواب: أن التأويل لابد منه في الإخراج عن الكذب. وقد زعم السيِّد في «شرح المفتاح»(١) أن الاستعارة تدخل في الاسم العلم على وجه المبالغة، بجعل المشبَّه عينَ المشبَّه به، قال:«فإن المقصود من قولك: «رأيت اليوم حاتمًا» أنه عين ذلك الشخص (أي حاتم الطائي المشهور)، لا أنه فرد من الجُوَّاد».
اعترضه عبد الحكيم فقال:«جَعْلُه عينه ... إن كان لا عن قصدٍ فهو غلط، وإن كان قصدًا فإن كان بإطلاقه عليه ابتداءً فهو وضع جديد، وإن كان بمجرد ادعاءٍ من غير تأويل فهو دعوى باطلة وكذب محض، فلابدّ من التأويل».
قال الشربيني:«قول المحشي: «فهو دعوى باطلة»، إذ كونُ ذاتٍ ذاتًا أخرى ظاهر البطلان، ولا معنى للمبالغة بذلك ... ».
هذا، مع أن القرينة هنا موجودة، وهي أن حاتمًا المشهور بالجود قد هلك منذ زمان.
وهكذا قال بعضهم فيمن يشير لبصيرٍ إلى كتابٍ قائلًا: هذا فرس، إنه إن لم يكن غلطًا أو على قصْدِ وضع جديد فهو كذب. هذا مع وجود القرينة وهي المشاهدة. وإنما ذلك لأنه ليس هنا علاقة يُبنى عليها تأويل سائغ.
فإن قيل: فعلى هذا إنما ينتفي الكذب باجتماع الأمرين: التأويل السائغ والقرينة، وعبارة صاحب «التلخيص» تُشعِر بأن كلَّ واحد منهما كافٍ في دفع الكذب، وعبارة السعد في شرحه توافق ذلك.