الأول: أن لا يكون قبلها ولا بعدها نَفْي، فَحَكَى الاتفاق على أنَّ معناها حينئذٍ (قارب) أو يزاد عليه (ولم يفعلْ) وهذا تصريح بمفهوم المخالفة.
الوجه الثاني الذي ذكره المؤلف لـ (كاد): أن يقع النفي بعد الفعل، ومراده بالفِعْل (كاد) ونظيرها (قارب).
الوجه الثالث لـ (كاد): أن يتقدّم النفي على الفعل (ومراده بالفعل ــ أيضًا ــ كاد ونظيره قارب)، فأمَّا (قارب) فإنَّه إذا تقدَّم النفي عليه نحو: ما قارب التلميذُ أن ينجحَ أفهم النفي وهو عدم النجاح جَرْيًا على القياس.
وأمَّا أخوه (كاد) فعلى خلاف هذا، فإنَّك إذا قلت: ما كاد التلميذُ ينجحُ، صار المعنى ثبوت نجاحه، وهذا مخالف لقياس لغتهم.
وقد وقفت على نصٍّ قديم لأبي عبيدة معمر بن المثنّى (ت ٢١٠ هـ) يشير إلى أنَّ استعمال (كاد) منفيةً قد يكون أحيانًا من باب التقديم والتأخير والقلب وهذا أحد استعمالاتها عنده، حيث قال في كتاب "المجاز"(٢/ ٦٧): {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} لبابِ كاد مواضع: موضع للمقاربة وموضع للتقديم والتأخير، وموضعٌ لا يدنو لذلك وهو لم يدنُ لأنْ يراها ولم يرها فخرج مخرج: لم يرها ولم يكد، وقال في موضع المقاربة: ما كدتُ أعْرف إلّا بعد إنكار، وقال في الدنو: كاد العروسُ أن يكون أميرًا، وكاد النعام يطير" (١) اهـ.
هذا وإنّي رأيت الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور قد توافق مع المعلِّمي
(١) قارن بين هذا وبين ما نقلته عن ابن يعيش والكفوي حتى يتضح لك معنى التقديم والتأخير.