ألف شهر. ثم أنشدتُها، فحسب السيد علي أنّي أردتُ مباهاتَه والتشنيعَ عليه فخرجَ يراجعني في دعوته يُصوِّبُها.
فقلتُ له: آنفُ لِمثْلكَ أنْ تحاول تصويب مثل هذا، وإنَّما الإنسان محل النسيان، كان حَقُّكَ أن تقول: طغى الفكر والقلمُ، وتَعَضَّ على مسامحتك لنفسكَ بنانَ الندم.
فأصرَّ على مُدَّعاه، تارةً يقول: من العَدْوِ، وتارةً: من العدْي، وتارة: من العَدْوى.
فكتبت له اليوم الثاني كتابًا مضمونه:
"عبارة مختار الصحاح: عداه يعدوه عَدْوًا: جاوزه".
وأمَّا العَدْوُ بمعنى الجَرْي فهو لازمٌ، وليس هذا مَوْضعَهُ.
فإذا قلتَ: عداك السوء فالمعنى: جاوزك السوء أي: لا أصابك ــ كما قالوا ــ: عداك الذمُّ أي: جاوزك: أي لا ذمَّ عليك، وقالوا: عدا فلانٌ طوره أي: جاوزه. وإذا قلتَ: لا عداك السوء فالمعنى: لا جاوزك، وهو أبلغُ من قولك: أصابك كما لا يخفى (١).
وأمَّا العدوى فالفعل منها: أعْدى يُعْدي ــ كما في كتب اللغة ــ وليس هذا موضعها مع أنَّها من المجاوزة أيضًا أي أنَّ الداءَ جاوز صاحبه إلى غيره فافهمْ".