للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأجابَ بما لفظه: "عداه يعدوه عَدْوًا أي: جَرْيًا وهو شدَّةُ السعي بقوةِ الإنسانية، وأمَّا لا عداه السوء أي: لا أصابه من باب العدي لا من باب العدو، تقول: أعدى فلانٌ فلانًا أي: ... كذا يعديه وأيضًا عداه السوء بمعنى: أصابه ومفهومٌ أنَّ العدوى من باب أفنى يقال: أفنى الناسَ الجوعُ أي: أصابهم وأهلكهم، ومنه أفناهم الوباءُ أو الموتُ أي: أصابهم وأمحقهم، فلتحرر غير ما بدا لك حتى ترشدني إلى الصواب".

فأجبتُ عليه بما مضمونه: "أمَّا عدا بمعنى جرى فهو لازم بنصوص كتب اللغة، ولا يختصُّ بالإنسان؛ فيقال: بقوة الإنسانية، وأمَّا العَدْي ــ بوزن الرَّمْي ــ فلم يُسمع، وليس منه ــ كما توهَّمت ــ: أعدى يُعدي، بل هي مِن العدو، وأصلها: أعْدَوَ يُعْدِوُ قُلبت في الأول ألفًا لتحركها وانفتاح ما قبلها، وقلبت الواو في الثاني ياءً لتطرُّفِها وانكسار ما قبلها.

وأمَّا عداه السوءُ بمعنى أصابه فغير مسموع، وقولك: العدوى من باب أفنى إنْ أردتَ أنْ يقال: أعدى يُعدي ــ كما يقال ــ: أفنى يُفْني، فأيُّ غرضٍ فيه؟ مع أن فَنِيَ يائيٌّ، وعدا واويٌّ، لا كما توهَّمتَ.

وإن أردتَ أنَّ المعنى واحدٌ فممنوع، ومَنْعُه واضحٌ، ولا غرضَ في تفسير أفنى، وزيادة الهمزة في (مَحَق) سَهْوٌ (١).

وقولك: "فلتحرر غير ما بدا لك" سَهْوٌ أيضًا؛ فإنَّ ما بدا لك بمعنى ما ظهر لك، أو بمعنى ما نشأ لك من الرأي، أو بمعنى ما أردتَ، ولو حررتُ


(١) قال السرقسطي في كتاب الأفعال (٤/ ١٤٠): "ومحقت الشيءَ، وأمحقه: أذهبتُه، وأبى الأصمعيُّ إلا محقه". اهـ. وقال الفيروزآبادي في القاموس: كأمحقه في لغيّةٍ قال الزبيدي: رديئة.