للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحُلَّة الشهود (١)، ولا خفاءَ أنَّ العيدَ زينةُ يوم واحدٍ في السنة ــ هذا هو الحقُّ الذي لا محيص عنه، والله يقول الحقَّ، وهو يهدي السبيل، نعوذ بالله من الرياء والسمعة، وحُبِّ الجاه، وطلب الرفعة عند المخلوق دون الخالق، اللهمَّ أرنا الحقَّ حقًّا فارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلًا فارزقنا اجتنابه، وأنت على كلِّ شيءٍ قدير، وصلَّى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".

فأجبتُ عليه بما مضمونه: "الحمد لله الواحد الأحد، وأصلّي وأسلم على رسوله محمد أمَّا بعد ...

فإنَّ الحقير لا يدَّعي التوسعة في العلم، ولا يدَّعي علم جميع الأشياء، فإنَّما ذلك اللهُ سبحانه وتعالى، ولكنْ رُبَّ مخلوقٍ لا يعلم شيئًا ولا أشياء، وإني لجاهلٌ ولكنْ جهلًا بسيطًا، ورُبَّ جاهلٍ جهلًا مركبًا يسمع الحقَّ من فَمِ مَن لا يشكُّ أنَّه إمام نقَّاد من أهل النظر والاجتهاد فيصرُّ على العناد، فتلك مِنْ مِثْلي ومِثْلِكَ هي الجهلُ الأكبر، والذنب الذي لا يُغفر، والأولى أن يُنْشد (٢) ههنا قول القائل ــ وهو حسَّان ــ:

وإنَّما الشِّعْرُ عِرْض المرء يعرضه ... على الأنام فإنْ كَيْسًا وإنْ حَمَقا

وإنَّ أبلغَ بيتٍ أنتَ قائلُه ... بيتٌ يقال إذا أنشدته صَدَقَا (٣)


(١) كلام المعترض هذا فيه غلو مذموم.
(٢) في المطبوعة: (ينقد) والذي يظهر ما أثبتُه.
(٣) البيتان في الديوان، ط دار المعارف تحقيق محمد حنفي حسنين، برواية الأثرم وابن حبيب وهما كالتالي:

إنَّما الشعر لُبُّ المرء يعرضه ... على المجالس إنْ كيسًا وإن حمقا
وإن أشعر بيتٍ أنت قائله ... بيت يقال إذا أنشدته صدقا
راجع الديوان (ص ٢٧٧).