للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمملوك؛ فكذا التهنئة بها، على أنَّها ليست تهنئةً بلفظٍ عادي، وإنما هي بأبياتٍ لطيفة يعرفها مَن له ملكةٌ، ولا يعرف السبيلَ إلا مَن سلكه، ولا يعرف السالك السبيلَ إلا إذا كان على بصيرةٍ، وأمَّا مَنْ سلكه مُتَخبطًا، ولم يمشِ فيه على المنوال فهو سواء وسائرُ الجهَّال.

وقولك: "بل المدحُ العالي أن يُهَنَّأَ العيدُ بإمام الحقّ" فمَن هو العيدُ حتَّى تهنئَه؟ !

وإذْ لسْتَ ممن يفهم التصريح فَضْلًا عن التلميح فنقول: إنَّ العيد ليس بذي عَقْلٍ ووجدان وعيون وآذان حتى تهنئه، فلو أنَّ العيد يتصوّر إنسانًا لهنَّأناه، كما أنَّ اعتراضَك لو يتجسّد لكان أبلغَ دواءٍ للمحرورين (١)، وأخشى أن يطلع عليه غير صفراوي فتصيبه البردة (٢).

على أنَّ أبياتي مرتجلةٌ بنتُ لحظةٍ، ولولا أنَّ ذلك المقام يشغل الفكر بهيبته لما اقتصرت على الثلاثة الأبيات وأنت تعرف ذلك قد لجلجك في الإنشاد، فكيف بي في الإنشاء؟ !

وأين مِنْ أبياتي قصيدتك بنت شهر، بوزنٍ قليل الاستعمال ملتزمًا في القوافي قولك: "يا ابن علي" مع التعرض بكفران النعمة من دعوى أنَّ الناس أفناهم الجوع، وقد أغناهم الله تعالى بفضل عبده مولانا ــ أيَّده الله ــ وبتيسيره سُبل الكسب، وأين ذلك من قول بعضهم في تهنئةِ عيد:


(١) الحرير والمحرور: مَن تداخلته حرارة الغيظِ أو غيره. انظر القاموس.
(٢) قال المجد الفيروز آبادي: البَرْدة ويحرك: التُّخَمَة.