وهذا كما ترى، وسياق الآيات ظاهر في أن ما وقع من النفس وزوجها شركٌ منافٍ للتوحيد.
فإن كنت ممن يُجوِّز على الأنبياء عليهم السلام قبل النبوة ما يجوز على غيرهم ويقصر وجوب العصمة على ما بعد النبوة فذاك، وإلَّا فقد قيل وقيل.
والأقرب ما قيل: إن المراد بالنفس وزوجها الجنس. أي: خلقكم من رجالٍ متَّحدين في الجنس، وجعل من جنس الرجال أزواجهم. وقوله:{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} يريد الرَّجل والمرأة، أي الجنس، ولا يلزم أن كل رجل وامرأة هكذا, [س ٦٤/أ] وإنما هو من باب قولهم: الرجل خير من المرأة.
والموصول في قوله تعالى:{أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا}[الأعراف: ١٩١]، قالوا: المراد به الأصنام، بدليل ما بعده، وعندي في هذا وقفة؛ لوُجوهٍ:
الأول: التعبير عن المدعوِّين بالعبارة الخاصَّة بالعقلاء، والأصنام ليست بعقلاء، وإن كان قد عُبِّر عنها في بعض الآيات بذلك فهو على كلِّ حالٍ خلاف الأصل.
الثاني: قوله في موضعين: {وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}، والأحجار لا تتألَّم ولا تتأذَّى حتى تفتقر إلى الانتصار.
الثالث: قوله: {عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ}، والأحجار لا توصف بهذا.
[س ٦٤/ب] الرابع: (١) إن أوَّل الآيات على ما جاءت به الآثار وقع
(١) هنا كان مكتوبًا "قوله تعالى" دون ذكر جزء من آية, ولعله كان يريد الضرب عليها فنسي.