أموالَهم أصحابُهم. وقد أُودِعوا بطونَ الرُّموس، حيث لا خِلَّ ولا أنيس، وقد خابت آمالُهم، ولم يصحَبْهم إلا أعمالُهم. وأعمالُهم هي قبورهم وعُمَّالهم، وهي في الآخرة مآلهم، إن خيرًا فخيرٌ، وإن شرًّا فشرٌّ.
فتلك بيوتهم خاوية، وأجسادهم رِمَمًا بالية. هم السابقون، ونحن اللاحقون، وكلُّنا إلى ما صاروا إليه صائرون، حتى يجيءَ يومُ البعث، فيجمع الله الأولين والآخِرين، بعدَ أن نُسِفت الجبالُ وسُيِّرتْ، ومُدَّت الأرضُ وبُدِّلتْ، وانشقَّت السماء وانفطرتْ. فإنما هي زجرة واحدة، فإذا هم بالساهرة، والخلقُ إلى الداعي مهطِعون، وإلى إجابته يُهرَعون حُفاةً عُراةً، كما بدأهم أعادهم.
ثم يُنصَبُ الميزانُ، وتَطايَرُ الصحفُ بالأيمان والشمائل، فمِنْ مُلجَمٍ بعَرَقِه، ومن مُصابٍ بغَرَقِه، ومن مغلول يداه إلى عنقه، ومن ماشٍ على وجهه، ومنكَّسٍ على رأسه. ثم يمرُّون على السِّراط مضروبًا على جسر جهنَّم، فمِن ناجٍ، ومن مخدوشٍ، ومن واقعٍ في النار، حتَّى يُجاءَ بالموت على صورة كبش، فيُذبَح بين الجنة والنار، وينادى: يا أهل الجنَّة، خلودٌ فلا موت؛ ويا أهل النار، خلودٌ فلا موت. فطوبى لمن حاسب نفسه، فاتقى ربَّه، وأقلعَ عن ذنبه مبادرًا بالتوبة.
الحديث: عن عائشة رضي الله عنها أنَّها ذكرت النارَ، فبكَتْ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "ما يُبكيكِ؟ " قالت: ذكرتُ النارَ، فبكيتُ، فهل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ فقال - صلى الله عليه وآله وسلم -: "أمَّا في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحدٌ أحدًا: عند الميزان حتى يَعلَمَ أيخفُّ ميزانُه أم يثقُل؛ وعند الكتاب حين يقال: هاؤم اقرؤوا كتابيه، حتى يَعلَمَ أين يقع كتابُه، أفي يمينه أم في شماله، أم من وراء