للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن لم تكن طامعًا في البقا (١)، فما اجتهادُك في بناء الدنيا وإعراضك (٢) عن الأخرى؟ وإنْ لم تكن طالبًا مريدًا للشَّقا، فما لك صادًّا عن عمل الأتقيا، مُكِبًّا على زلَلِ الأشقيا؟ وإنْ لم تكن شاكًّا في اللِّقا، فلِمَ لا تستعدُّ له ما دمتَ في الأحيا؟ (٣).

أما، والله لئن كانت الدنيا غرَّك زخرفُها، لقد وعَظَك تقلُّبُها. ولئن استمالَتْك مهلتُها، لقد محضَتْك النصحَ عواقبُها. أنت لا توقن بتأخُّر أجلِك ساعةً، ولا تشُكُّ أنَّك إلى الموت صائر. ولا تدري لعلك السَّاعةَ بين أهلك، والسَّاعة الثانية بين أهل المقابر.

فما أجدَرَ مَن هذا حالُه أن يُقلِعَ عن عيوبه، ويتوبَ عن ذنوبه، ويحاسِبَ نفسَه قبل الحساب، ويستعدَّ ليوم المآب، ويجتهد أن يُثبَت اسمُه في ديوان الثواب، ويُمحَى من ديوان العقاب.

ولكنَّ القلوبَ تراكمَتْ عليها الأصداءُ، واستولَتْ عليها الأعداءُ، فإنْ وُعِظْتُم لم تَعُوا، وإنْ نُهيتم لم تُقْلِعوا، وإن أُمرِتم لم تصنَعوا (٤). فانتبِهوا [عبادَ الله] (٥) قبلَ مفاجأةِ الآجال، وانقطاع الآمال، وطيِّ صُحُفِ الأعمال (٦).


(١) حذف الهمز للسجع.
(٢) في (ل ٥٢/ب): "معرضًا".
(٣) في (ل ٥٢/ب): "ما دمت حيًّا".
(٤) في (ل ٥٢/ب): "فإن وعظت لم تسمع، وإن نهيت لم تقلع، وإن أمرت لم تصنع".
(٥) من (ل ٥٢/ب).
(٦) في (ل ٥٢/ب): "وختم الأعمال".