للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

البحث الثالث: في النصائح والتحريض والتشجيع وفضائل ثوابه،

والنهي عن التثبيط وذكر رذائل عقابه

فإعلام الوجوب واجبٌ على العالِم، بأن يُعلِم المجاهدين بوجوب هذا الشيء أو حرمته، وليس له أن يُعلِمَهم بسنيّة الشيء أو كراهته، فكما أنّ الجهاد واجبٌ عليهم، فيجبُ على العالم إعلامُ الجُهَّال بوجوبه، إلا أنّه لا يكون الإعلامُ فرضَ عينٍ إذا أمكن أن يقوم به أحدُ اثنين فصاعدًا. والنصيحة واجبةٌ، قال عليه الصلاة والسلام: "الدينُ النصيحة" (١).

وأمّا التثبيط فعلى أوجهٍ:

منها: تثبيط المنافقين للمؤمنين، وهو كقولهم للمؤمنين: أين تذهبون؟ إنكم ستَلْقَون رجالاً فَجَعَة (٢)، وآلاتِ حربٍ مُوجِعَة، وأشياءَ مُزعِجة، وكثرةً مع قلّتكم، وقوةً مع ضعفكم. ولاسيّما إذا كان ذلك غير صحيح.

ومنه حرامٌ، كأن يُعْلِمهم أنّ أعداءهم أقوياء، وهو صادقٌ، ولا يريد بذلك ضعفَ الإسلام، وأمّا إذا أراد تحريضَهم على تكثير العَدَد والعُدَد فهو محمودٌ.

وأمّا أن تقع الوقعة فيجيء أحدٌ فيسأل، فإذا كان الغَلَبُ للمجاهدين بَشَّر القاعدين، مع تحريضهم على إعانة إخوانهم، وإن كان ــ والعياذُ بالله ــ الغَلَبُ لأعدائهم فإن رأى أنّه إن أخبرهم بالحقيقة يتحمَّسون ويبالغون في إعانة


(١) أخرجه مسلم (٥٥) من حديث تميم الداري.
(٢) في الأصل: "فعجة"، سبق قلم.