نمتنع عن بيعها له خوفًا من حُسنِ قبوله لها، وهربًا من الجنّة ونعيمها! نعوذ بالله.
هذا إن كان لهؤلاء القوم يقينٌ حسب اعتذارهم بأنّه لا يكون شيءٌ إلا بقضاء الله وقدره، وأنّ الآجال لا تتقدَّم ولا تتأخَّر عن مقاديرها، فنعوذ بالله من الخذلان.
* * * *
البحث الثاني: في الجهاد بالمال
الكتاب والسنة أيضًا مملوآنِ بالتحضيض عليه، فما أعظمَ كرمَ الله تعالى، وأوسعَ رحمتَه، وأعمَّ فضلَه، وأجزلَ نعمتَه!
هيَّأ للإنسان سببَ الاكتساب وأعطاه المال وأنعم عليه به، ثم بذلَ له أنه إذا أنفقه في سبيله جازاه عليه أضعافًا مضاعفةً في النعيم الدائم، مع أنه ليس لأحدٍ رزقٌ إلا واستحالَ أن لا يأتيه، فلا يأكل رزقَه غيرُه.
ثمّ الناسُ ملازمون للبُخل، ولا يخلو إمّا أن يكون لسوء يقينٍ ونقصِ إيمانٍ، ظنًّا أنّ الذي في أيديهم هو رزقهم، فإذا أخرجوه صار لغيرهم وحُرِمُوا الرزقَ ونعوذ بالله. وإمّا أن يكون محضَ حماقةٍ ورغبةٍ عن الجنّة ونعيمها، بل عن رضا الله وفي سخطه، وذلك هو الخذلان.