للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المطلب الثالث

شهادة أن لا إله إلا الله

ومعناها: أنه لا حقيق بأن يُعبد إلا الله عزَّ وجلَّ.

والعبادة هي الخضوع والتذلل طلبًا لنفع غيبي. تسمي العرب الطلب إذا كان الطالب أعلى من المطلوب منه: أمرًا، فإن كان مثله سمّته التماسًا، فإن كان أعلى منه سمته: سؤالًا، فإن كان طلب النفع غيبي (١) سمته: دعاءً. فالملك إذا طلب من خادمه شيئًا قيل: أمره بكذا وكذا، والتلميذ إذا طلب من زميل له شيئًا قيل: التمس منه كذا، والرَّعوي إذا طلب من الملك شيئًا قيل: سأله (٢) كذا. تقول: سألتُ الملك أن ينصفني من خصمي، ولا يقال: دعوت الملك أن ينصفني من خصمي. نعم، يقال: دعوت فلانًا، بمعنى: ناديته، وهذا معنى آخر، إنما الخاص بالنفع الغيبي هو الدعاء بمعنى السؤال الذي هو طلب النفع. فالدعاء بمعنى سؤال النفع الغيبي هو روح العبادة، وبقية العبادات متضمنة له؛ لأنها كلها يُطْلَب بها النفع الغيبي. فمن دعا الله عزَّ وجلَّ، أي: سأل منه [أن يرحمه، أو يشفيه، أو يغنيه، أو غير ذلك، فقد عبده. ومَن دعا غير الله عزَّ وجلَّ، أي: سأل منه] (٣) نفعًا غيبيًّا فقد عبد غير الله عزَّ وجلَّ.

فأما الخضوع والتذلل طلبًا للنفع الغيبي، فإن الله إذا أمر بالتذلّل لغيره،


(١) كذا في (ط). ولعل الصواب: "فإن كان طلبًا لنفعٍ غيبيٍّ".
(٢) (ط): "اسأله" خطأ.
(٣) المعكوفان وما بينهما من (ط).