حديث الأمر بصبِّ ذَنوب من ماء على البول يدلُّ أن صبَّ ذنوب على الأرض التي وقع عليها البول يُطهِّرها. وقد يجاب عنه بالتزام أن يكون مِلءُ الذَّنوب كثيرًا، بناءً على أن حديث القُلَّتين أطلقهما فصدق على الصغيرتين منهما؛ أو بأن الأرض تطهر بالجفاف فصبُّ الماء عليها إنما هو لتذهب الرائحة وتتحَّلل أجزاءُ البول فيغوص بها الماء في الأرض، ثم تَطْهر الأرضُ بالجفاف.
لكن هناك أدلة كثيرة على تطهير المتنجِّس بصب الماء القليل عليه كحديث:«طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب ... » ولم يشترط فيه الغسل بماء كثير. وكحديث نضح الماء على بول الصبي، وحديث غسل ما لحق الثوب من دم الحيض، وكالاستنجاء وغير ذلك؛ وهو إجماع.
فالقائلون بحديث القلَّتين يجيبون بأن ذلك كلَّه حق، وأن الشارع إنما خفَّف في حكم الماء عند استعماله لتطهير النجاسة دفعًا للمشقَّة، فإنه لو حكم في ذلك بتنجُّس ما دون القلتين بمجرد ملاقاة النجاسة لما أمكن تطهير متنجِّس إلا بغسله في ماء كثير، وفي هذا مشقَّة شديدة جدًّا. فخفَّف الشارع في هذا، وأبقى الحكمَ فيما تقع النجاسة فيه في الماء بدون قصد التطهير، إذ ليس في هذا من المشقَّة ما في ذاك. وفي الحكم بتنجُّسه بوقوع النجاسة حملٌ على تحرِّي الطهارة والنظافة وتجنيب الماء ما يوسِّخه ويقذِّره ويضرُّ شاربه.
هذا، ومن القائلين بما ذُكر مَن أطلق ولم يتعرَّض للورود، بل قال: إذا