للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وليس في سنده ولا متنه اضطراب قادح. وقد بينت ذلك في رَدِّي على الكوثري (١). وزعمُ أنه مجملٌ باطل، فإنه لا يخفى عليه ما هو دون قلتين قطعًا، وما هو أكثر منهما قطعًا. فعُلم أن الأول فما دونه داخل في مفهوم الحديث، وأن الثاني فما فوقه داخل في منطوقه. ويبقى ما بينهما، فالأئمة ألحقوه بما دونهما، إذ الأصل القِلَّة، وأخذًا بالأحوط.

وذهب ابن حزم إلى دلالة الحديث على طهارة ما فوق قلتين من أصغر القلال أخذًا بالإطلاق، إلا أنه لم يأخذ بالمفهوم لأنه ليس عنده بحجَّة.

وقد ثبتت أحكام مقدَّرة بمعايير وقع الاختلاف فيها كالدرهم والمثقال والصاع؛ ولم يقدح فيها أحد بذلك.

وقد تقدَّم بعض ما في هذا الحكم من الحكمة. والله أعلم.

* [ص ٥] ص ٢٧ سطر ٥. قال: «قال في الشرح ... ».

لا يخفى أن النهي للتحريم، وأن قوله: «الماء الدائم الذي لا يجري» يعمُّ كلَّ ماءٍ بهذا الوصف. ولا يجوز صرف النص عن دلالته الظاهرة ــ كالتحريم والعموم هنا ــ إلا بحجَّة.

والعلة المستنبطة إذا لم تُساوق ظاهر النص بل تعود على ذاك الظاهر بالهدم= في قبولها نظر، ولاسيما إذا أمكن التعليل بعلة أخرى تساوق ظاهر النص، أو على الأقل تكون أكثر مساوقةً له. فقد يُعلَّل بالتأدية إلى التنجيس أو إلى التقذير، إذ لو لم يُحرَّم البول في الماء الدائم لبال فيه الإنسان مرارًا، وكثر البائلون فيه، ولا يحسم ذلك إلا تحريم البول فيه مطلقًا. ولا نسلِّم أن


(١) راجع «التنكيل ــ الفقهيات» (٢/ ٦ وما بعدها).