للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقوله: "فلما أصبح قال الخ" في رواية عُقيل "فلما قضى صلاة الفجر أقبل على الناس، فتشهد، ثم قال: أما بعد، فإنه لم يَخْفَ عليّ مكانكم"، وفي رواية يونس، وابن جريج "لم يخف عليّ شأنكم"، زاد في رواية أبي سلمة "اكلَفُوا من العمل ما تُطيقون"، وفي رواية معمر أن الذي سأله عن ذلك بعد أن أصبح عمر بن الخطاب.

قال الحافظ -رحمه اللَّه تعالى-: ولم أر في شيء من طرقه بيان عدد صلاته في تلك الليالي، لكن رَوَى ابن خزيمة، وابن حبان من حديث جابر، قال. "صلى بنا رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - في رمضان ثمان ركعات، ثم أوتر، فلما كانت القابلة اجتمعنا في المسجد، ورجونا أن يخرج إلينا حتى أصبحنا، ثم دخلنا، فقلنا: يا رسول اللَّه" الحديث، فإن كانت القصة واحدة احتمل أن يكون جابر ممن جاء في الليلة الثالثة، فلذلك اقتصر على وصف ليلتين، وكذا ما وقع عند مسلم من حديث أنس "كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يصلي في رمضان، فجئت، فقمت إلى جنبه، فجاء رجل فقام حتى كنا رهطًا، فلما أحس بنا تجوّز، ثم دخل رحله" الحديث، والظاهر أن هذا كان في قصة أخرى انتهى (١).

وقوله: "خشيت أن يُفرض عليكم". زاد في رواية مسلم: "صلاةُ الليل، فتعجزوا عنها".

وسئل الشيخ عزّ الدين ابن عبد السلام -رحمه اللَّه تعالى- عن هذا الحديث، فإنه يدلّ على أن المداومة على ما ليس بواجب تُصيره واجبَا، والمداومة لم تُعهد في الشرع مغيّرة لأحكام الأفعال، فكيف خشي - صلى اللَّه عليه وسلم - أن يُغَيَّر بالمداومة حكم القيام؟

فأجاب بأنه - صلى اللَّه عليه وسلم - منه تُتلقّى الأحكام، والأسباب، فإن أخبر أن هاهنا مناسبة اعتقدنا ذلك، واقتصرنا بهذا الحكم على مورده. انتهى (٢). وقد تقدم تمام البحث في هذا عند شرح حديث زيد بن ثابت - رضي اللَّه تعالى عنه -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا, ونعم الوكيل.

١٦٠٥ - أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفُضَيْلِ, عَنْ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ, عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ, عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ, عَنْ أَبِي ذَرٍّ, قَالَ: صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فِي رَمَضَانَ, فَلَمْ يَقُمْ بِنَا, حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ مِنَ الشَّهْرِ, فَقَامَ بِنَا, حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ, ثُمَّ لَمْ يَقُمْ بِنَا فِي السَّادِسَةِ, فَقَامَ بِنَا فِي الْخَامِسَةِ, حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ, فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, لَوْ نَفَّلْتَنَا بَقِيَّةَ لَيْلَتِنَا هَذِهِ, قَالَ: «إِنَّهُ مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ, حَتَّى يَنْصَرِفَ, كَتَبَ اللَّهُ لَهُ قِيَامَ لَيْلَةٍ» , ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ بِنَا, وَلَمْ يَقُمْ حَتَّى بَقِيَ ثَلَاثٌ مِنَ الشَّهْرِ, فَقَامَ بِنَا فِي


(١) - "فتح" ج ٣ ص ٣١٨.
(٢) - راجع "زهر الربى" ج٣ ص٢٠٢ - ٢٠٣.