٥ - (الطَّلَاقُ لِغَيْرِ الْعِدَّةِ، وَمَا يُحْتَسَبُ مِنْهُ عَلَى الْمُطَلِّقِ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: غرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- بهذه الترجمة ترجيح قول من قال: إن الطلاق في الحيض واقعٌ، ومعتدٌّ به، وهو ما رجّحه الإمام البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- أيضًا، حيث قال في "صحيحه": "بابٌ إذا طُلِّقَت الحائضُ تَعتدُّ بتلك التطليقة"، ثم أورد حديث الباب من رواية أنس بن سيرين، عن ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -: "طلّق ابن عمر امرأته، وهي حائض … " الحديث. ومن رواية سعيد بن جبير، عن ابن عمر، قال: "حُسبت عليّ بتطليقة". وسيأتي بيان أقوال أهل العلم في المسألة الآتية قريبًا، إن شاء اللَّه تعالى.
وقوله: "وما يُحتسب منه" ببناء الفعل للمفعول، ولفظ "الكبرى": "وما يُحسَبُ منه". وقوله: "المطَلِّقِ" بصيغة اسم الفاعل. واللَّه تعالى أعلم.
٣٤٢٧ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ, عَنْ أَيُّوبَ, عَنْ مُحَمَّدٍ, عَنْ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ, قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ, عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ, وَهِيَ حَائِضٌ؟ , فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ؟ , فَإِنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ, وَهِيَ حَائِضٌ, فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا, ثُمَّ يَسْتَقْبِلَ عِدَّتَهَا, فَقُلْتُ لَهُ: فَيَعْتَدُّ بِتِلْكَ التَّطْلِيقَةِ؟ , فَقَالَ: مَهْ, أَرَأَيْتَ إِنْ عَجَزَ, وَاسْتَحْمَقَ).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: رجال هذا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وكلهم تقدّموا غير مرّة.
و"حمّاد": هو ابن زيد. و"أيوب": هو السختيانيّ. و"محمد": هو ابن سيرين. وقوله: "هل تعرف عبد اللَّه بن عمر؟ " إنما قال له ذلك -مع أنه يعرفه، وهو الذي يُخاطبه- ليقرّره على اتباع السنّة، وعلى القبول من ناقلها، وأنه يلزم العامّة الاقتداء بمشاهير العلماء، فقرّره على ما يلزمه من ذلك، لا أنه ظنّ أنه لا يعرفه. قاله في "الفتح" (١).
وقوله: "فيعتدّ بتلك التطليقة" بتقدير الاستفهام، أي أفيعتدّ الخ، والفعل مبنيّ للفاعل، والفاعل ضمير الرجل، أي أيعتدّ ذلك الرجل الذي طلّق امرأته، وهي حائض بتلك التطليقة؟. وفي لفظ البخاريّ: "فهل عَدَّ ذلك طلاقًا؟ "، وعلى هذا فالضمير لابن عمر.
(١) "فتح" ١٠/ ٤٥٣.