[المسألة الثالثة في بيان مذهبه في الجرح والتعديل، ومنهجه في التصنيف]
كان رحمه الله من المتشددين في الجرح كما نص على ذلك غير واحد من الحفاظ، فقد تقدم قريبا أن سعد بن علي الزنجاني قال: إن لأبي عبد الرحمن النسائي شرطا في الرجال أشد من شرط البخاري ومسلم، وأن الذهبي قال: صدق، فإنه ليَّن جماعة من رجال الصحيحين.
وقد قسم الحافظ أبو الفضل بن طاهر المقدسي أحاديث المجتبى ثلاثة
أقسام، ومثله أبو داود: الأول الصحيح المخرج في الصحيحين، وهو أكثر كتابه. الثاني: صحيح على شرطهما. الثالث: أحاديث أبان عن علتها بما يفهمه أهل المعرفة.
وذكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح في مقدمته عن أبي عبد الله بن منده أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه، قال ابن منده: ومثله أبو داود، وإلى ذلك أشار العراقي في ألفيته حيث قال:
وقوله مذهب متسع، أي إن لم يرد به إجماعًا خاصًا، وذلك أن الحافظ ابن حجر رحمه الله قال: إن ذلك إجماع خاص، وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط، فمن الأولى شعبة، والثوري، وشعبة أشدهما، ومن الثانية يحيى القطان، وابن مهدي، ويحيى أشدهما، ومن الثالثة: ابن معين، وأحمد، وابن معين أشدهما، ومن الرابعة أبو حاتم، والبخارى، وأبو حاتم أشدهما. فقال النسائي: لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه، فهذا وثقه ابن مهدي، وضعفه يحيى القطان مثلا لا يُتْرَكُ لما عُرف من تشدد يحيى، ومَن هو