قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الكسوف" لغةً: التغير إلى سواد، ومنه كسف وجهه وحاله، وكسفت الشمس: اسودت، وذهب شُعاعها.
قال الفيومي -رحمه اللَّهُ-: كَسَفَت الشمسُ. من باب ضرب، كُسُوفًا، وكذلك القمر، قاله ابن فارس، والأزهريّ، وقال ابن الْقُوطيّة أيضًا: كسفَ القمرُ، والشمسُ، والوجهُ: تَغَيَّرَ، وكسَفَها اللَّه، كَسْفًا، من باب ضرب أيضًا، يتعدى، ولا يتعدّى، والمصدر فارق، ونُقل: انكسفت الشمسُ، فبعضهم يجعله مطاوعًا، مثل كسرته، فانكسر، وعليه حديث:"انكسفت الشمس على عهد رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -"، وبعضهم يجعله غلطًا، ويقول: كسفتُها، فكَسَفَتْ هي، لا غيرُ، وقيل: الكُسُوف ذَهَاب البعض، والخسوف ذَهَاب الكلّ، وإذا عدَّيتَ الفعلَ، نصبتَ عنه المفعول باسم الفاعل، كما تنصبه بالفعل، قال جَرير [من البسيط]:
في البيت تقديم وتأخيرٌ، والتقديرُ: الشمسُ في حال طُلوعها، وبكائها عليك ليست تَكسف النجومَ والقمرَ، لعدم ضوئها.
وقال أبو زيد: كسفت الشمسُ كُسُوفًا: اسودّت بالنهار، وكسفت الشمسُ النجومَ: غَلَبَ ضوءها على النجوم، فلم يبدُ منها شيء انتهى (١).
وقال في مادة "خَسَفَ": وخَسَفَه اللَّه -أي من باب ضرب- يتعدى، ولا يتعدى، وخسف القمرُ: ذهب ضوءه، أو نقص، وهو الكسوف أيضًا، وقال ثَعْلَبٌ: أجود الكلام: خسف القمرُ، وكسفت الشمسُ، وقال أبو حاتم في الفَرْق: إذا ذهب بعض الشمس، فهو الكُسُوف، وإذا ذهب جميعه، فهو الخُسُوفُ انتهى.
وقال الإمام البخاري -رحمه اللَّه تعالى- في "صحيحه": "باب هل يقول: كسفت الشمس، أو خسفت؟ "، وقال اللَّه تعالى. {وَخَسَفَ الْقَمَرُ}[القيامة: ٨]. انتهى.
قال الزين ابن الْمُنَيِّر -رحمه اللَّّهُ-: أتى بلفظ الاستفهام إشعارًا منه بأنه لم يترجح عنده في ذلك شيء.
قال الحافظ -رحمه اللَّهُ-: ولعله أشار إلى ما رواه ابن عُيينة، عن الزهريّ، عن عروة،