ومالك، وجمهور العلماء، وحكي عن ابن شريح حبسه حَتَّى يقضي الدين، وإن كَانَ قد ثبت إعساره. وعن أبي حنيفة: تجوز ملازمته. (ومنها): أنه يسلم إلى الغرماء جميع مال المفلس، ما لم يَقضِ دينهم، ولا يُترك للمفلس سوى ثيابه، ونحوها. قاله النوويّ فِي "شرح مسلم" ١٠/ ٤٦١. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: هَذَا السند تقدّم الكلام فيه فِي الباب الماضي.
وقوله:"نهى عن بيع الثمر سنين": معناه أن يبيع ثمرة نخلة، أو نخلات بأعيانها سنتين، أو ثلاثا، مثلًا، وإنما نهى عنه؛ لأنه بيع شيء لا وجود له حال العقد.
قَالَ الخطّابيّ رحمه الله تعالى: هو أن يبيع الرجل ما تثمره النخلة، أو النخلات بأعيانها سنين، ثلاثًا، أو أربعًا، أو أكثر منها، وهذا غررٌ؛ لأنه بيع شيء غير موجود، ولا مخلوق حال العقد، ولا يُدرى هل يكون ذلك، أم لا، وهل يُثمر النخل، أم لا، وهذا فِي بيوع الأعيان، وأما فِي بيوع الصفات، فهو جائز، مثل أن يُسلف فِي شيء إلى ثلاث سنين، أو أربع، أو أكثر، ما دامت المدّة معلومة فِي قيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم، بعيد، أو قريب، إذا كَانَ الشيء المسلف فيه غالبًا وجوده عند وقت محل السلف. انتهى "معالم السنن" ٥/ ٤٤.
والحديث أخرجه مسلم، وَقَدْ تقدّم تخريجه فِي الباب الماضي فِي حديث جابر -رضي الله عنه-: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- وضع الجوائح"؛ لأنه حديث واحد فرقه المصنّف، ساقه أبو داود، فِي "سننه"، مساقًا واحدًا، ولفظه:"أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نهى عن بيع السنين، ووضع الجوائح". والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".