منها: ما ترجم له المصنف رحمه الله تعالى، وهو جواز انصراف الإمام بعد السلام، بدون أن يجلس، وأن ما تقدّم من استحباب الجلوس بعد السلام محله إذا لم تعرض له حاجة، وإلا فله الخروج، وإن أدّى ذلك إلى تخطي رقاب الناس، كما أن له أن يتخطّى الصفوف في حال دخوله أيضًا، وأما غيره، فيُكره له ذلك.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: وظاهر كلام أحمد أنه يُكره للإمام أيضاً، قال إسحاق بن هانىء: سألت أبا عبد الله عن الرجل يُصلي بالقوم، فإذا فرغ من الصلاة خرج من رجلين، أفهو مُتَخَطٍّ؟ قال: نعم، وأَحَبْ إليّ أن يتنحّى عن القبلة قليلاً حتى ينصرف النساء، فإن خرج مع الحائط، فهذا ليس بمتخطٍّ.
وظاهر هذا كراهة تخطيهم للإمام، وقد يكون مراده إذا لم يكن له حاجة تدعوه إلى ذلك. انتهى (١).
ومنها: أنه يدلّ أن الإسراع بالقيام عقب السلام من غير تمهل لم يكن من عادة النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولهذا تعجّبوا من سرعته في هذه المرة، وعَلم منهم ذلك، فلذا أعلمهم بعذره.
ومنها: استحباب الاعتذار للإمام، أو غيره إلى أصحابه، إذا فعل فعلاً غير معهود لهم، ورأى منهم الاستغراب لذلك، لئلا تتغير خواطرهم عليه.
ومنها: أن التفكّر في الصلاة في أمر لا يتعلق بالصلاة لا يفسدها، ولا ينقص من كمالها، وأن إنشاء العزم في أثناء الصلاة على الأمور الجائزة لا يضرّ.
ومنها: جواز الاستنابة في تفريق الصدقة مع القدرة على المباشرة. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلّا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله, عليه توكلت، وإليه أنيب".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: غرض المصنف رحمه الله تعالى بهذه الترجمة جواز قول القائل: ما صليت، وأن ذلك لا يُعاب عليه إذا لم يُفرّط في ترك الصلاة، لقوله