للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فمحلّي حيث حبستني". فإن هذا فيه التصريح بالتحلل المطلق عن الحجّ والعمرة معًا.

وحكى ابن حزم عن بعضهم أن هذا الحديث مخالف لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]، ولقوله تعالى: {فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: ١٩٦].

وعن بعضهم أنه مخالف لقوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "كلّ شرط ليس في كتاب اللَّه، فهو باطل". وعن

بعضهم أن هذا الخبر رواه عروة، وعطاء، وسعيد بن جبير، وطاوس، وروي عنهم

خلافه. ثم قال ابن حزم: سمعناكم تعتلّون بهذا في الصاحب، فعديتموه إلى التابع، وإن درجتموه بلغ إلينا، وإلى من بعدنا، فصار كلّ من بلغه حديث، فتركه حجة في ردّه، ولئن خالف هؤلاء ما رووا، فقد رواه غيرهم، ولم يخالفه، وأطنب ابن حزم في ردّ هذه المقالات، وهي حقيقة بذلك واللَّه تعالى أعلم.

قال وليّ الدين. والظنّ بمن يُعتمد عليه ممن خالف هذا الحديث أنه لم يبلغه، قال البيهقيّ: عندي أن ابن عمر لو بلغه حديث ضباعة في الاشتراط لم ينكره، كما لم ينكره أبوه انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: أو يحمل على أنه بلغه، لكن تأوله بشيء من التأويلات السابقة.

والحاصل أن الحقّ هو قول الجمهور، وهو جواز الاشتراط، وأنه إذا اشترط، وحصل المانع تحلّل، ولم يلزمه شيء من الدم أو غيره، عملاً بظاهر الحديث. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٦٠ - (كَيْفَ يَقُولُ إِذَا اشْتَرَطَ)

٢٧٦٦ - (أَخْبَرَنَا (١) إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ, قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ الأَحْوَلُ, قَالَ: حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ خَبَّابٍ, قَالَ: سَأَلْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ, عَنِ الرَّجُلِ يَحُجُّ يَشْتَرِطُ, قَالَ: الشَّرْطُ بَيْنَ النَّاسِ, فَحَدَّثْتُهُ حَدِيثَهُ -يَعْنِي عِكْرِمَةَ- فَحَدَّثَنِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ, أَتَتِ النَّبِيَّ - صلى اللَّه عليه وسلم - فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ, فَكَيْفَ أَقُولُ؟ , قَالَ: «قُولِى لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ, وَمَحِلِّى مِنَ الأَرْضِ,


(١) - وفي نسخة: "أخبرني".