للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسجد عند استقلال ناقته به أنه لَمّا فرغ من ركعتيه أهلّ، ولا يلزم من ذلك التعقيب. وهذا الجمع أولى من إسقاط حديث من أصله. واللَّه أعلم انتهى كلام ابن حزم.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله ابن حزم حَسنٌ جدًّا.

وحاصله أن الإحرام يكون عند الركوب، حين يُدخل رجله في الغَرْز؛ لحديث ابن عمر - رضي اللَّه تعالى عنهما -، إذ فيه زيادة على غيره، كما قال ابن حزم. ولو صحّ حديث ابن عباس - رضي اللَّه تعالى عنهما - لكان هو المقدّم؛ لأن فيه زيادة على حديث ابن عمر؛ لأنه عقب الصلاة، وهو جالس؛ إلا أن في سنده خُصيف بن عبد الرحمن الجزريّ، وهو متكلّم فيه، ولا سيّما فيما خالف فيه الثقات.

وأما تصحيح الحاكم له على شرط مسلم، وموافقة الذهبيّ له، وكذا تحسين الترمذي على ما نقله الزيلعيّ عنه، وإن كانت النسخ الموجودة ليس فيها التحسين، وإنما قال: هذا حديثٌ غريبٌ، فكلّ هذا لا يخفى ما فيه من التساهل. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٢٦ - (الْغُسْلُ لِلإِهْلَالِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عبارة "الكبرى": "أبواب الإحرام" - "الغسل للإهلال". قال ابن الأثير -رحمه اللَّه تعالى-: الإهلال: رفع الصوت بالتلبية، يقال: أهلّ المحرمُ بالحجّ يهُلّ إهلالاً: إذا لبّى، ورفع صوته. والْمُهَلّ بضم الميم -وفتح الهاء-: موضع الإهلال، وهو الميقات الذي يُحرمون منه، ويقع على الزمان، والمصدر. انتهى (١).

وقال الفيّومّي -رحمه اللَّه تعالى-: أَهَلّ المولودُ إهلالاً: خرج صارخًا بالبناء للفاعل.

واستُهلّ بالبناء للمفعول عند قوم، وللفاعل عند قوم كذلك. وأهَلّ المحرمُ: ركع صوته بالتلبية عند الإحرام، وكلّ من رفع صوته فقد أهلّ إهلالاً، واستَهَلّ استهلالاً بالبناء للفاعل فيهما، وأُهلّ الهلالُ بالبناء للمفعول، وللفاعل أيضًا، ومنهم من يمنعه. واستُهلّ بالبناء للمفعول، ومنهم من يُجيز بناءه للفاعل. وهَلّ من باب ضرب لغةٌ أيضًا: إذا ظهر. وأهللنا الهلالَ، واستهللناه: رفعنا الصوت برؤيته. وأهلّ الرجل: رفع صوته


(١) - راجع "النهاية" ٥/ ٢٧١.