للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لزوم حكم الصوم والفطر لمن صحّت له الرؤية، سواء شُورك في رؤيته، أو انفرد بها، وهو مذهب الجمهور. وذهب عطاء، وإسحاق إلى أنه لا يلزمه حكم شيء من ذلك إذا انفرد بالرؤية، وهذا الحديث ردّ عليهما انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي أن الذي ذهب إليه الجمهور، من وجوب الصوم والإفطار على من رأى الهلال وحده هو الحقّ؛ لصريح قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا". واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الثانية): يتناول الحديث رؤيته ليلًا ونهارًا، لكنه إذا رئي نهارًا فهو لليلة المستقبلة، فإن كان ذلك يوم الثلاثين من شعبان لم يصوموا، وإن كان يوم الثلاثين من رمضان لم يفطروا، وسواء كان ذلك قبل الزوال، أو بعده، هذا هو المشهور في المذاهب الأربعة. وحكي عن عمر، وابن مسعود، وابن عمر، وأنس، والأوزاعيّ، والليث بن سعد، وإسحاق بن راهويه. وذهب سفيان الثوريّ، وأبو يوسف، وبعض المالكية إلى أنه إن رئي قبل الزوال فهو لليلة الماضية، وهو رواية عن أحمد، وبه قال ابن حزم الظاهريّ. قاله وليّ الدين -رحمه اللَّه تعالى- (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: القول الأول الذي عليه الجمهور هو الظاهر عندي؛ لوضوح حجته. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٢ - (ذِكْرُ الاخْتِلَافِ عَلَى عَمْرِو ابْنِ دِينَارِ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسِ - رضي اللَّه عنهما - فِيهِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قوله: "فيه" الضمير يعود إلى إكمال شعبان. ووجه الاختلاف المذكور أن حماد بن سلمة رواه عن عمرو، عن ابن عبّاس - رضي اللَّه عنهما -، وخالفه سفيان بن عُيينة، فرواه عن عمرو، عن محمد بن حُنين، عن ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -، فأدخل واسطة بين عمرو بن دينار، وبين ابن عباس - رضي اللَّه عنهما -. والراجح رواية ابن عيينة،


(١) - "المفهم" ج ٣ ص ١٣٨ - ١٣٩.
(٢) - المصدر السابق.