قال الباجيّ -رحمه اللَّه تعالى-: هذا يقتضي أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - علم من حال السائل أنه عالم بما يفعل في الحجّ، وإلا فلا يصحّ أن يقول له ذلك؛ لأنه إذا لم يعلم ما يفعل الحاجّ لم يمكنه أن يمتثله المعتمر انتهى.
وقال ابن العربيّ -رحمه اللَّه تعالى-: كأنهم كانوا في الجاهليّة يخلعون الثياب، ويجتنبون الطيب في الإحرام، إذا حجّوا، وكانوا يتساهلون في ذلك في العمرة، فأخبر النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أن مجراهما واحد انتهى (١).
والحديث متّفق عليه، وتقدم تمام شرحه، وبيان مسائله في باب "الجبّة في الإحرام" -٢٩/ ٢٦٦٨ - فراجعه تستفد، واللَّه تعالى وليّ التوفيق، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
٢٧١٠ - (أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ, قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي, قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ سَعْدٍ, يُحَدِّثُ عَنْ عَطَاءٍ, عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى, عَنْ أَبِيهِ, قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - رَجُلٌ, وَهُوَ بِالْجِعِرَّانَةِ, وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ, وَهُوَ مُصَفِّرٌ لِحْيَتَهُ وَرَأْسَهُ, فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, إِنِّي أَحْرَمْتُ بِعُمْرَةٍ, وَأَنَا كَمَا تَرَى, فَقَالَ: «انْزِعْ عَنْكَ الْجُبَّةَ, وَاغْسِلْ عَنْكَ الصُّفْرَةَ, وَمَا كُنْتَ صَانِعًا فِي حَجَّتِكَ, فَاصْنَعْهُ فِي عُمْرَتِكَ»).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "محمد بن إسماعيل بن إبراهيم" وهو المعروف أبوه بابن عليّة، دمشقيّ ثقة، فإنه من أفراد المصنّف. و"قيس بن سعد": هو أبو عبد الملك المكيّ الثقة.
وقوله: "وهو مصفّر" بتشديد الفاء المكسورة: أي مستعمل للصفرة في لحيته، وتلك الصفرة هي الخلوق. والحديث متفق عليه، كما سبق بيانه فيما قبله. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أُنيب".
…
٤٥ - (الْكُحْلُ لِلْمُحْرِمِ)
أي هذا باب في ذكر الحديث الدّالّ على بيان حكم استعمال الكحل للمحرم، وهو المنع، إلا للضرورة كالرَّمَدِ، فيستعمل الصبر، ونحوه من الأدية التي ليس فيها طيب. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.
(١) - راجع "المرعاة" ٩/ ٣٤٨.