للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ومع هذا المنكر الشنيع، والكفر الفظيع لا نجد مَن يغضب للَّه، ويَغَار، حميّة للدين الحنيف، لا عالمًا، ولا متعلمًا، ولا أميرًا، ولا وزيرًا، ولا ملكًا.

وقد تواردت إلينا من الأخبار ما لا يُشكّ معه أن كثيرًا، من هؤلاء القبوريين (١)، أو أكثرهم إذا توجهتْ عليه يمين من جهة خصمه حلف باللَّه فاجرًا، فإذا قيل له بعد ذلك: احلف بشيخك، ومعتقدك الوليّ الفلانيّ تلعثم، وتلكّأ، وأبى، واعترف بالحقّ. وهذا من أبين الأدلّة الدالّة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال: إنه تعالى ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة.

فيا علماء الدين، ويا ملوك المسلمين، أيّ رَزْءٍ للإسلام أشدّ من الكفر؟، وأيّ بلاء لهذا الدين أضرّ عليه من عبادة غير اللَّه؟ وأيّ مصيبة يُصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة؟، وأيّ منكر يجب إنكاره، إن لم يكن إنكار الشرك البيّن واجبًا؟.

لَقَدْ أَسْمَعْتَ لَوْ نَادَيْتَ حَيًّا … وَلَكِنْ لَا حَيَاةَ لِمَنْ تُنَادِي

وَلَوْ نَارًا نَفَخْتَ بَهِا أَضَاءَتْ … وَلَكِنْ أَنْتَ تَنْفُخُ فِي رَمَادِ

انتهى كلام العلامة الشوكانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى-، ولقد أحسن، وأجاد، وأفهم، وأفاد، فجزاه اللَّه تعالى على هذا التذكير العظيم وإنكار هذا المنكر الجسيم خير الجزاء، إنه بعباده عليم، وبالمؤمنين رؤوف رحيم. ؤالفه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

١٠٠ - زِيارَةُ الْقُبُورِ

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الزيارة" -بكسر الزاي، وتخفيف الياء-: معناه القَصْدُ، يقال: زاره، زِيارةً، وزَوْرًا -بالفتح-: قصده، فهو زائرٌ، وزَوْرٌ -بفتح، فسكون-، وقَوم زَوْرٌ أيضًا، وزُوّارٌ، مثلُ سافرٍ، وسَفْرِ، وسُفّار، ونسوةٌ زَوْرٌ أيضًا، وزُوَّرٌ، وزائراتٌ،


(١) - هكذا اشتهر على الألسنة، والصواب القبريين، لأنه إذا نسب إلى الجمع يرد إلى واحده، كما قال ابن مالك:
وَالْوَاحِدَ اذْكُرْ نَاسِبًا لِلجَمْعِ … إِنْ لَمْ يُشَابِهْ وَاحِدًا بِالْوَضْعِ