للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قيم ما عدا الحنطة متساوية، وكانت الحنطة إذ ذاك غالية الثمن، لكن يلزم على قولهم أن تعتبر القيمة في كلّ زمان، فيختلف الحال، ولا ينضبط، وربّما لزم في بعض الأحيان إخراج آصُعٍ من حنطة، ويدلّ على أنهم لحظوا ذلك ما رَوَى جعفر الفريابيّ في "كتاب صدقة الفطر" أن ابن عبّاس لما كان أمير البصرة أمرهم بإخراج زكاة الفطر، وبيّن لهم أنها صاع من تمر، إلى أن قال: أو نصف صاع من برّ. قال: فلما جاء عليّ، ورأى رخص أسعارهم، قال: اجعلوها صاعًا من كلّ. فدلّ على أنه كان ينظر إلى القيمة في ذلك، ونظر أبو سعيد إلى الكيل. انتهى (١)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي الأحوط أن يُخرح من الحنطة صاعًا، وإن أخرج نصف صاع تبعًا لما نُقل عن جلّ الصحابة، كما تقدّم، فلا مانع؛ لأنه اجتهاد منهم لم يصادم نصًّا صحيحًا، إذ لم يصحّ عن النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - في صاع البرّ، ولا نصفه شيء يُعتمد عليه.

وأما دعوى الإجماع من الصحابة على نصف صاع من برّ، كما زعمه الزيلعيّ وغيره فغير صحيح؛ لصحة مخالفة أبى سعيد الخدريّ، وابن عمر - رضي اللَّه عنهم -. فلا إجماع مع مخالفتهما. فتنبّه. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٣٥ - (بَابُ فَرْضِ صَدَقَةِ الْفِطْرِ قَبْلَ نُزُولِ الزَّكَاةِ)

٢٥٠٦ - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ, قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ, قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ, عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ, عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ, عَنْ عَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ, عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ (٢) , قَالَ: "كُنَّا نَصُومُ عَاشُورَاءَ, وَنُؤَدِّي زَكَاةَ الْفِطْرِ, فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ, وَنَزَلَتِ الزَّكَاةُ, لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ, وَلَمْ نُنْهَ عَنْهُ, وَكُنَّا نَفْعَلُهُ").

رجال هذا الإسناد: سبعة:

١ - (إسماعيل بن مسعود) الجَحْدَرِيُّ البصريّ، ثقة [١٠] ٤٢/ ٤٧.


(١) - "فتح" ج ٤ ص ١٤٦ - ١٤٧.
(٢) - وفي نسخة "عن قيس بن سعد" بدون "ابن عبادة".