للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٥٦ - (النَّهْيُ عَنْ بَيْعِ مَا اشْتُرِيَ مِنَ الطَّعَامِ بِكَيْلٍ حَتَّى يُسْتَوْفَى)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "اشتُري" بالبناء للمجهول، وكذا قوله: "يُستوفَى": أي يُقبض.

الظاهر أن المصنّف رحمه الله تعالى أراد بالاستيفاء هنا الاستيفاء كيلاً، فهو أمر زائد عَلَى معنى القبض المذكور فِي الباب الماضي، فيكون هَذَا أخصّ منه، فإذا اشترى طعامًا كيلاً، فلا يكفي مجرد القبض، بل لابدّ منْ استيفائه كيلاً، فلا يجوز أن يبيعه إلا بعد قبضه كيلاً، وهو معنى حديث جابر -رضي الله عنه-: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن بيع الطعام حَتَّى تجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري"، ونحوه للبزّار منْ حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، قَالَ الحافظ: بإسناد حسن.

وفي ذلك دلالة عَلَى اشتراط القبض فِي المكيل بالكيل، وفي الموزون بالوزن، فمن اشترى شيئا مكايلة، أو موازنة، فقبضه جزافا فقبضه فاسد، وكذا لو اشترى مكايلة، فقبضه موازنة وبالعكس، ومن اشترى مكايلة وقبضه، ثم باعه لغيره، لم يجز تسليمه بالكيل الأول، حَتَّى يكيله عَلَى منْ اشتراه ثانيا، وبذلك كله قَالَ الجمهور، وَقَالَ عطاء: يجوز بيعه بالكيل الأول مطلقا، وقيل: إن باعه بنقد جاز بالكيل الأول، وإن باعه بنسيئة، لم يجز بالأول، والأحاديث المذكورة ترد عليه. قاله فِي "الفتح" ٥/ ٨٤ - ٨٥. والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٦٠٦ - (أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ، وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ، قِرَاءَةً عَلَيْهِ، وَأَنَا أَسْمَعُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ عُبَيْدٍ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: "أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، نَهَى أَنْ يَبِيعَ أَحَدٌ طَعَامًا، اشْتَرَاهُ بِكَيْلٍ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "سليمان بن داود": هو الْمَهْريّ، أبو الربيع المصريّ، ابن أخي رِشدين بن سعد، ثقة [١١] ٦٣/ ٧٩. و"ابن وهب": هو عبد الله. و"عمرو بن الحارث": هو أبو يوب المصريّ الثقة الثبت. و"المنذر بن عُبيد": هو المدنيّ، مقبول [٦] ٤٢/ ٢٢١٤ منْ أفراد المصنّف. و"القاسم بن محمد": هو ابن أبي بكر الصدّيق المدنيّ، هو أحد الفقهاء السبعة.

وقوله: "اشتراه بكيل" خرج مخرج الغالب المعتاد، فلا مفهوم له، فلا يخالف الأحاديث الماضية، وأحاديث الجِزاف الآتية.