قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: رجال هَذَا الإسناد كلهم رجال الصحيح، وتقدّموا غير مرّة.
والسند منْ رباعيّات المصنّف رحمه الله تعالى، وهو (٢١٧) منْ رباعيات الكتاب، وهو منْ أصحّ أسانيد ابن عمر رضي الله تعالى عنهما.
وقوله:"لا يبيع""لا" نافيه، والفعل مرفوع، والمراد منْ النفي النهي، وهو أبلغ، كما تقدّم غير مرّة.
والحديث متَّفقٌ عليه، وَقَدْ تقدّم تخريجه فِي "كتاب النكاح" ٢٠/ ٣٢٣٨، وبقي هنا الكلام عَلَى ما ترجم له المصنّف رحمه الله تعالى، وفيه مسائل:
(مسألة): فِي أقوال أهل العلم فِي معنى بيع الرجل عَلَى بيع أخيه، وحكمه:
قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: ما حاصله: معنى "بيع الرجل عَلَى بيع أخيه": هو أن يقول لمن اشترى شيئًا فِي مدة الخيار: افسَخْ هَذَا البيع، وأنا أبيعك مثله، بأرخصَ منْ ثمنه، أو أجود منه بثمنه، ونحو ذلك، وهذا حرام، ويحرم أيضًا الشراء عَلَى شراء أخيه، وهو أن يقول للبائع، فِي مدة الخيار: افسخ هَذَا البيع، وأنا أشتريه منك، بأكثر منْ هَذَا الثمن، ونحو هَذَا.
قَالَ: وأجمع العلماء عَلَى منع البيع عَلَى بيع أخيه، والشراء عَلَى شرائه، والسوم عَلَى سومه، فلو خالف، وعَقَد فهو عاص، وينعقد البيع، هَذَا مذهب الشافعيّ، وأبي حنيفة وآخرين. وَقَالَ داود: لا ينعقد، وعن مالك روايتان، كالمذهبين، وجمهورهم عَلَى إباحة البيع والشراء، فيمن يزيد، وَقَالَ الشافعيّ: وكرهه بعض السلف. انتهى "شرح مسلم" ١٠/ ٣٩٨.
وَقَالَ ابن قُدامة رحمه الله تعالى: معنى قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يبع بعضكم عَلَى بيع بعض": أن الرجلين إذا تبايعا، فجاء آخر إلى المشتري فِي مدة الخيار، فَقَالَ: أنا أبيعك مثل هذه السلعة، دون هَذَا الثمن، أو أبيعك خيرا منها بثمنها، أو دونه، أو عرض عليه سلعة، رغب فيها المشتري، ففسخ البيع، واشترى هذه، فهذا غير جائز؛ لنهي النبيّ -صلى الله عليه وسلم- عنه، ولما فيه منْ الإضرار بالمسلم، والإفساد عليه، وكذلك إن اشترى عَلَى شراء أخيه، وهو أن يجيء