للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن روى الشافعيّ، عن الثقة، عن الزهريّ، قال: كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يأمر المؤذّن في العيدين أن يقول: "الصلاة جامعة"، وهذا مرسل يعضده القياس على صلاة الكسوف، لثبوت ذلك فيها. قال الشافعي: أُحِبُّ أن يقول: الصلاة، أو الصلاة جامعة، فإن قال: هلمّوا إلى الصلاة لم أكرهه، فإن قال: حيّ على الصلاة، أو غيرها من الألفاظ كرهت له ذلك.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد اعترض بعض المحققين -وقد أصاب- على ما قاله الشافعيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ- بأن مراسيل الزهريّ ضعيفة عند أهل العلم، والقياسُ لا يصحّ اعتباره مع وجود النصّ الثابت الدّالّ على أنه لم يكن في عهد النبي - صلى اللَّه عليه وسلم - لصلاة العيد أذان، ولا إقامة، ولا شيء، ومن هنا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظ كان. واللَّه تعالى أعلم.

واختُلِف في أول من أحدث الأذان في العيد، فروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن سعيد بن المسيّب أنه معاوية، وروى الشافعيّ، عن الثقة، عن الزهريّ مثله، وزاد: فأخذ به الحجّاج حين أُمِّر على المدينة. وروى ابن المنذر، عن حُصين بن عبد الرحمن، قال: أول من أحدثه زياد بالبصرة. وقال الداوديّ: أول من أحدثه مروان.

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وكل هذا لا ينافي أن معاوية أحدثه، كما تقدّم في البداءة بالخطبة. وقال ابن حبيب: أول من أحدثه هشام. وروى ابن المنذر عن أبي قلابة، قال: أول من أحدثه عبد اللَّه بن الزبير. وقد وقع عند البخاري أن ابن عباس أخبره أنه لم يكن يُؤذَّن لها. لكن في رواية يحيى القطّان أنه لَمّا ساء ما بينهما أذّن -يعني ابن الزبير- وأقام. انتهى (١). واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٨ - الْخُطْبَة يَوْمَ الْعِيدِ

هذه الترجمة أحسن مما في "الكبرى"، حيث قال فيها: "الخطبةُ يوم النحر قبل الصلاة"، فقد اعتُرض عليه في ذلك، فقال ابن بطّال -كما في الفتح-: غَلِطَ النسائيّ،


(١) - "فتح" ج ٣ ص ١٢٩.