للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٧٦ - (تَحِلَّةُ الْخَلْوَةِ)

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: زاد في "الكبرى": "وَتَقْدِيمُ الْعَطِيَّةِ قَبْلَ الْبِنَاءِ". ووقع في النسخة "الهندية": "نِحْلَة الخلوة".

و"التحِلّة" -بفتح الفوقانية، وكسر الحاء المهملة، وتشديد اللام-: مصدر حَلَّل بالتثقيل، على تَقعِلَة، كذكّر تَذْكِرةً، وجَرَّبَ تَجْرِبَةً، وبَصَّرَ تَبْصِرَةً، وأصله: تَحْلِلَةٌ، فنُقلت كسرة اللام الأولى، إلى الحاء، ثم أُدغمت في اللام الثانية، يقال: حَلَلْتُ اليمين: إذا فعلتَ ما يُخرج عن الحِنْث، فانحلّت هي، وحَلَّلْتُها بالتثقيل، وفعلتُهُ تَحِلّة القسم: أي بقدر ما تُحلُّ به اليمين، ولم أُبالغ فيه، ثم كثُر هذا حتى قيل لكلّ شيء لم يُبالغ فيه: تحليلٌ (١).

وقال في "اللسان": وحلَّلَ اليمينَ تحليلًا، وتَحِلَّةً، وتَحِلًّا، وهذه شاذّةٌ: كَفَّرَها، و"التَّحِلّةُ": ما كُفّر به. انتهى.

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تبيّن مما ذُكر أن "التَّحِلّة" يُطلق على معنيين: أحدهما: أنه مصدر حلّل بالتثقيل، والثاني: أنه الشيء الذي يقع به تحليل الشيء، وكلا المعنيين يناسبان ترجمة المصنّف "تَحِلَّةُ الخلوةِ"، فعلى الأول يكون المعنى: تحليل الرجل الخلوة بزوجته بدفع شيء مما تسرّ به. وعلى الثاني يكون المعنى: الشيء الذي يجعل الخلوة بالزوجة حلالًا.

وأما "النحلة"، فهي بكسر النون، وضمّها لغتان، وأصلها من العطاء، يقال: نَحَلتُ فلانًا شيئًا: أعطيتُه، فالصداق عطيّة من اللَّه تعالى للمرأة. ومنه قوله تعالى: {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} الآية [النساء: ٤]. وقيل: "نحلةً" في الآية: أي عن طيب نفس من الأزواج من غير تناع. وقال قتادة: معنى "نحلةً" فريضة واجبةً. وقال ابن جريج، وابن زيد: فريضة مُسمّاةً. قال أبو عبيد: ولا تكون النحلة إلا مسمّاةً معلومةً. وقال الزجّاج: "نحلةً" تَدَيُّنًا، والنحلة الديانة والملّة، يقال: هذا نحلته: أي دينه. وهذا يحسن مع كون الخطاب للأولياء الذين كانوا يأخذونه في الجاهليّة، حتى قال بعض النساء في زوجها [من الرجز]:

لا يَأخُذُ الْحُلْوانَ مِنْ بَنَاتِنَا


(١) راجع "المصباح المنير"، وهامشه. ١/ ص ١٤٨.