أي هذا باب ذكر الحديث الدّالّ على بيان موضع البصر عند الإشارة بالسبّابة، وعلى حكم تحريك السبّابة عند الإشارة بها.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ذكر المصنف في هذه الترجمة مسألتين:
(إحداهما): موضع البصر عند الإشارة، ودلالة حديث الباب عليه واضحة، فإن قوله:"لا يجاوز بصره إشارته" يدلّ على أن موضع البصر هو الإصبع التي يشير بها، ففيه استحباب نظر المصلي عند التشهّد إلى السبابة التي يشير بها.
(الثانية): تحريك السبّابة، وظاهر تصرّف المصنف أنه لا يرى استحباب تحريك السبّابة عند الإشارة بها، لأنه أورد حديث عبد الله بن الزبير، وهو وإن لم يُذكر فيه التحريك، لا إثباتاً، ولا نفياً في هذه الرواية، لكنه تقدّم نفيه من طريق زياد بن سعد، عن ابن عجلان -٣٥/ ١٢٧٠ - ، ولفظه:"كان يشير بإصبعه إذا دعا، ولا يحَرّكها"، فدلّ على أنه رحمه الله تعالى لا يرى استحباب تحريكها، وهذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم، وهو الراجح عندي؛ وأما ما تقدم من حديث وائل بن حجر -رضي الله عنه- من إثبات التحريك، فقد أعلّه بعضهم بالشذوذ حيث خالف زائدة جماعةً من الحفاظ الذين رووه عن عاصم بن كليب، فزاده، كما أشار إلى هذا ابن خزيمة في "صحيحه" جـ ١ ص ٣٥٤، وعلى تقدير صحته فيحمل على أنه -صلى الله عليه وسلم- فعله لبيان الجواز، فيشرع التحريك أحياناً. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
والحاصل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- حرك السبّابة، وترك تحريكها، فيكون الراجح العملَ بهما، فيحركها أحياناً، ويترك ذلك أحياناً. والله تعالى أعلم بالصواب.