للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"إن أريد إلا الإصلاح، ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٨ - (الْكَلْبُ يَأْكُلُ مِنَ الصَّيْدِ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الكلب" مبتدأ، وجملة "يأكل منْ الصيد" فِي محلّ رفع صفته، والخبر محذوف، تقديره: لا يحلّ صيده. وهذا هو الذي عليه الجمهور، وخالف فِي ذلك طائفة، فقالت بجواز أكل ما أكل منه الكلب، منهم ابن عمر، وسعد ابن مالك، وسلمان، وبه قَالَ مالك، محتجّين بحديث أبي ثعلبة رضي الله تعالى عنه، حيث إن فيه قوله صلّى الله تعالى عليه وسلم: "فكل، وإن أكل منه"، وَقَدْ تقدّم الجواب عنه، وأن الصحيح هو الذي ذهب إليه الجمهور. والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٢٧٦ - (أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ -وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ- أَنْبَأَنَا زَكَرِيَّا، وَعَاصِمٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ؟، فَقَالَ: "مَا أَصَابَ بِحَدِّهِ فَكُلْ، وَمَا أَصَابَ بِعَرْضِهِ فَهُوَ وَقِيذٌ"، قَالَ: وَسَأَلْتُهُ عَنْ كَلْبِ الصَّيْدِ، فَقَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ"، قُلْتُ: وَإِنْ قَتَلَ، قَالَ: "وَإِنْ قَتَلَ، فَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ فَلَا تَأْكُلْ، وَإِنْ وَجَدْتَ مَعَهُ كَلْبًا غَيْرَ كَلْبِكَ، وَقَدْ قَتَلَهُ، فَلَا تَأْكُلْ، فَإِنَّكَ إِنَّمَا ذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى كَلْبِكَ، وَلَمْ تَذْكُرْ عَلَى غَيْرِهِ").

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "أحمد بن سليمان": هو الرُّهاويّ الثقة الحافظ [١١] ٣٨/ ٤٢ منْ أفراد المصنّف. و"زكريّا": هو ابن أبي زائدة. و"عاصم": هو ابن سليمان الأحول.

وقوله: "عن الْمِعْرَاض" قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: "الْمِعْرَاض" -بِكَسْرِ الميم، وَبِالْعَيْنِ المُهْمَلة-: هِيَ خَشَبَة ثَقِيلَة، أَو عَصًا فِي طَرَفهَا حَدِيدَة، وَقَد تَكُون بِغَيرِ حَدِيدَة. هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي تَفْسِيره. وَقَالَ الهَرَوِيُّ: هُوَ سَهْم لَا رِيش فِيهِ، وَلَا نَصْل. وَقَالَ ابْن دُرَيْد: هُوَ سَهْم طَوِيل، لَهُ أَرْبَع قُذَذ رِقَاق، فَإِذَا رَمَى بِهِ اعْتَرَضَ. وَقَالَ الْخَلِيل كَقَوْلِ الهَرَوِيّ، وَنَحْوه عَن الأَصْمَعِيّ. وَقِيلَ: هُوَ عُود رَقِيق الطَّرَفَينِ، غَلِيظ الوَسَط، إِذَا رُمِيَ بِهِ ذَهَبَ مُسْتَوِيًا.

قَالَ: و"الوَقْذ، وَالمَوقُوذ": هُوَ الَّذِي يُقْتَل بِغَيرِ مُحَدَّد، مِنْ عَصًا، أَوْ حَجَر، وَغَيْرهمَا. وَمَذْهَب الشَّافِعِيّ، وَمَالك، وَأَبِي حَنِيفَة، وَأَحْمَد، وَالْجَمَاهِير: أَنَّهُ إِذَا اصْطَادَ بالمِعرَاضِ، فَقَتَلَ الصَّيْد بِحَدِّهِ حَلَّ، وَإِنْ قَتَلَهُ بِعَرْضِهِ، لَمْ يَحِلّ؛ لِهَذَا الحَدِيث. وَقَالَ مَكَحُول، والأَوزَاعيُّ، وَغَيرهمَا، منْ فُقَهَاء الشَّام: يَحِلّ مُطْلَقًا، وَكَذَا قَالَ هَؤُلَاءِ