للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أرجح؛ لقوّة أدلته، كما سبق آنفًا.

هذه خلاصة ما يتعلّق بحديث: "منْ أسلف سلفًا، فليُسلف فِي كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجل معلوم"، فهي تفريعٌ، وتفصيل لهذه الشروط المذكورة فيه، فالكلام، وإن طال إلا أن المقام اقتضى ذلك؛ لأن المقصود منْ الشرح إيضاح معاني الأحاديث المذكورة فِي الكتاب، عَلَى وجه مفيد، وهذا يكون عَلَى حسب مفاهيم الأحاديث، فبهذا أعتذر إلى منْ يقول لي طوّلت، وأسأمت، اللَّهم انفعنا بما علّمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علمًا، إنك جواد كريم، رؤوف رحيم. وصلّى الله، وسلم عَلَى المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحابته أجمعين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيِقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٦٤ - (اسْتِسْلَافِ الْحَيَوَانِ، وَاسْتِقْرَاضِهِ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: "الاستسلاف": طلب السلف، والمراد به هنا القرض، فيكون عطف قوله: "واستقراضه" عطف تفسير.

قَالَ الفيّوميّ رحمه الله تعالى: القرض: ما تُعطيه غيرك منْ المال؛ لتُقضاه، والجمع قُرُوض، مثلُ فلس وفُلُوس، وهو اسم منْ أقرضته المال إقراضًا، واستقرض: طلب القرض، واقترض: أخذه، وتقارضا الثناء: أثنى كلّ واحد عَلَى صاحبه، وقارضه منْ المال قِراضًا، منْ باب قاتل، وهو المضاربة. انتهى.

قَالَ الموفّق رحمه الله تعالى: القرض نوع منْ السلف، وهو جائز بالسنة، والإجماع، أما السنة: فحديث أبي رافع -رضي الله عنه-: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، استسلف منْ رجل بكرا، فقدمت عَلَى النبيّ -صلى الله عليه وسلم- إبل الصدقة، فأمر أبا رافع أن يقضي الرجل بَكْرَه، فرجع إليه أبو رافع، فَقَالَ: يا رسول الله، لم أجد فيها إلا خيارا رباعيا، فَقَالَ: أعطه، فإن خير النَّاس أحسنهم قضاء"، رواه مسلم. وعن ابن مسعود -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "ما منْ مسلم يُقرض مسلما قرضا مرتين، إلا كَانَ كصدقة مرة" (١)، وعن أنس -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ


(١) حديث صحيح، رواه ماجه فِي "سننه" ٢/ ٨١٢. راجع "السلسلة الصحيحة" للشيخ الألبانيّ رحمه الله تعالى رقم ١٥٥٣.