بل اقتصر على ذكره فقط. وقوله:"شرطه" بالرفع اسم كان مؤخّرًا، وخبره الجارّ والمجرور السابق، يعني أنه إذا لم يذكر عقبه من بعده، وشرط أن يرجع إليه بعد موت المعمَر له، فله هذا الشرط الذي شرطه.
وحاصل هذا الكلام أن الزهريّ -رحمه اللَّه تعالى- يرى أن العمرى الواجبة اللازمة هي التي يقول فيها الواهب: هي لك، ولعقبك من بعدك، وأما إذا لم يذكر قوله:"ولعقبك من بعدك" فإنها ترجع للواهب، وقد تقدّم أن الجمهور لا يرون الرجوع في هذه الصورة أيضًا كالأولى، وهو الأرجح، وإنما هذا رأي للزهريّ، واحتجّ بعدم قضاء الخلفاء به، وعارضه عطاء بن أبي رباح بأن من الخلفاء من قضى به، وهو عبد الملك بن مروان، عملاً بظاهر النصّ، وبما عليه جمهور أهل العلم، وهو الحقّ.
وقد تقدّم قول ابن قُدامة -رحمه اللَّه تعالى- بعد أن ذكر الاختلاف، ومخالفة القاسم بن محمد في المسألة: ما نصّه: وقول القاسم: لا يُقبل في مخالفة من سمّينا من الصحابة والتابعين، فكيف يُقبل في مخالفة قول سيّد الموسلين - صلى اللَّه عليه وسلم -، ولا يصحّ أن يدّعَى إجماع أهل المدينة؛ لكثرة من قال بها منهم، وقضى طارق بالمدينة بأمر عبد الملك بن مروان. انتهى. واللَّه تعالى أعلم.
وقوله:"لا يقضون بهذا" أي بهذا الإطلاق، بل يأخذون على وفق التقييد. وقوله:"قضى بها" أي بالعمرى على إطلاقها.
والحديث أخرجه مسلم، مختصرا، دون قصّة هشام، ودون قولي الزهريّ. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعتُ، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكّلتُ، وإليه أنيب".
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: قد تقدّم البحث في حكم عطية المرأة بغير إذن زوجها لها في "كتاب الزكاة" مستوفًى، وأن الأصحّ، وهو ما عليه أكثر أهل العلم أن النهي في حديث الباب محمولٌ على معنى حسن العشرة، واستطابة نفس الزوج، وقد نُقل عن الشافعيّ -رحمه اللَّه تعالى- أن الحديث ليس بثابت، وكيف نقول به، والقرآن يدلّ على خلافه، ثم السنّة، ثم الأثر، ثم العقول. ويمكن أن يكون هذا في موضع