للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أنس: "ولكن المؤمن إذا حُضر جاءه البشير من اللَّه، وليس شيء أحبّ إليه من أن يكون قد لقي اللَّه، فأحبّ اللَّه لقاءه"، وفي رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى: "ولكنه إذا حضر فأما إن كان من المقرّبين، فرَوح وريحان وجنّة نعيم، فإذا بشر بذلك أحبّ لقاء اللَّه، واللَّه للقائه أحبّ" (١).

قال الخطابيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: تضمّن حديث الباب من التفسير ما فيه غنية عن غيره، واللقاء يقع على أوجه: منها: المعاينة. ومنها. البعث، كقوله تعالى: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ} [الأنعام: ٣١]، أي بالبعث. ومنها: الموت، كقوله تعالى. {مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ} الآية [العنكبوت: ٥]، وقوله: {قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ} الآية [الجمعة: ٨] انتهى.

وقال النووي -رحمه اللَّه تعالى-: هذا الحديث يفسّر آخرُهُ أوّلَهُ، ويبين المراد بباقي الأحاديث المطلقة: "من أحبّ لقاء اللَّه، ومن كره لقاء اللَّه".

ومعنى الحديث: أن الكراهة المعتبرة هي التي تكون عند النزع في حالةٍ لا تُقبل توبته، ولا غيرها، فحينئذ يُبشّر كلُّ إنسان بما هو صائر إليه، وما أُعدّ له، ويُكشف له عن ذلك، فأهل السعادة يُحبّون الموت , ولقاءَ اللَّه، لينتقلوا إلى ما أُعدّ لهم، ويحبّ اللَّهُ لقاءهم، أي فيُجزِل لهم العطاء والكرامة، وأهل الشقاوة يَكرهون لقاءه، لِمَا عَلِمُوا من سوء ما يَنتقلون إليه، ويَكره اللَّه لقاءهم، أي يبعدهم عن رحمته وكرامته، ولا يريد ذلك بهم، وهذا معنى كراهته سبحانه لقاءهم، وليس معنى الحديث أن سبب كراهة اللَّه تعالى لقاءَهم كراهتُهُم ذلك، ولا أن حبّه لقاءَ الآخرين حبُّهم ذلك، بل هو صفة لهم انتهى (٢).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الحديث أخرجه مسلم، وتقدّم الكلام عليه قريبًا. وباللَّه تعالى التوفيق. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وْإليه أنيب".

١١ - تَقْبِيلُ الْمَيّتِ

١٨٣٩ - أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرٍو, قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ, قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ, عَنِ


(١) - المصدر المذكور ج ١٣ ص ١٦٥.
(٢) - "شرح مسلم" ج ١٧ ص ١٢ - ١٣.