للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الصيد يغيب عن صاحبه الليلة، والليلتين؟، فقال: "إذا وجدت فيه سهمك، ولم تجد أثر سبع، وعلمت أن سهمك قتله، فكله". قال الترمذيّ: حسن صحيح، وسيأتي للمصنّف ١٩/ ٤٣٠٠.

قال أبو عمر -رحمه اللَّه تعالى-: وفي حديث الباب ردّ لقول أبي حنيفة، وأصحابه في اشتراطهم التراخي في الطلب؛ لأن رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - لم يقل للبهزيّ: هل تراخيت في طلبه، وأباح أكله لأصحابه المحرمين، ولم يسأله عن ذلك انتهى (١).

قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: الصحيح قول من أباح أكله، لكن بشرط أن لا يُتن كما شرطه في حديث أبي ثعلبة - رضي اللَّه عنه -، وبشرط أن يترجح أن سهمه هو الذي قتله، وليس فيه أثر لسبع، كما بينه حديث عدي - رضي اللَّه عنه - واللَّه تعالى أعلم.

(ومنها): أنه يدلّ على تحريم تنفير الصيد على المحرم، ولا يعين عليه، ألا ترى أنه - صلى اللَّه عليه وسلم - أمر رجلاً أن يقف عند الظبي الحاقف، ولا يُهيجه أحد.

(ومنها): أن الصائد إذا أثبت الصيد برمحه، أو سهمه، وأصاب مقاتله، فقد ملكه بذلك، إذا كان الصيد لا يمتنع من أجل فعله به عن أحد، ألا ترى قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "يوشك صاحبه أن يأتي"، فجعله - صلى اللَّه عليه وسلم - صاحبه يصحب ملكه له.

(ومنها): أن فيه دلالة على جواز هبة المشاع؛ لقوله البهزيّ للجماعة: "شأنكم بهذا الحمار"، ثم قسمه أبو بكر - رضي اللَّه عنه - بينهم بأمر رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم -. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".

٧٩ - (مَا لَا يَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَكْلُهُ مِنَ الصَّيْدِ)

٢٨١٩ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ, بْنُ سَعِيدٍ, عَنْ مَالِكٍ, عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ, عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ, عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ, أَنَّهُ أَهْدَي لِرَسُولِ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم - حِمَارَ وَحْشٍ, وَهُوَ بِالأَبْوَاءِ, أَوْ بِوَدَّانَ, فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى اللَّه عليه وسلم -, فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللَّهِ


(١) - راجع "التمهيد" ٢٣/ ٣٤١ - ٣٤٦. و"الاستذكار" ١١/ ٢٨٢ - ٢٨٧.