البخاريّ -رحمه اللَّه تعالى- أحاديث كثيرة اعتبر الشارع فيها الإشارة كالنطق، ودلالتها على ما قلنا واضحة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "باب" مضاف إلى "الكلام"، ويحتمل أن يكون
منؤنَا، و"الكلام" مرفوعٌ با لابتداء، وخبره جملة الشرط، وجوابه.
وفي نسخة:"لما يحتمل" باللام بدل "في". وفي "الكبرى": "لما يحتمله"، والظاهر أن الجارّ هنا زائد، و"ما" في محلّ رفع نائب فاعل "قُصد"، وجواب "إذا" محذوف؛ لدلالة المقام عليه، أي فهو على نيّة المتكلّم.
وغرض المصنّف -رحمه اللَّه تعالى- أن كنايات الطلاق يقع بها الطلاق، إذا نواه المتكلّم، وذلك كقوله:"الحقي بأهلك"، كما سبق الكلام عليه، و"خليّة"، و"بريّة"، و"بتّةٌ"، و"بتلةٌ"، ونحوها، ومحلّ الاستدلال من الحديث قوله - صلى اللَّه عليه وسلم -: "ولكلّ امرئ ما نوى"؛ لأنه عامّ يدخل فيه الطلاق، فإذا تكلّم بلفظ محتملٍ للطلاق، وأراده به وقع. وبمعنى ترجمة المصنّف ترجمة الإمام البخاريّ -رحمهما اللَّه تعالى- في "صحيحه"، حيث قال:"باب" إذا قال: فارقتُك، أو سرّحتك، أو الخليّة، أو البريّة، أو عُني به الطلاق، فهو على نيّته، وقولى اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، وقال:{وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، وقال تعالى:{فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}، وقال:{أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}، وقالت عائشة - رضي اللَّه تعالى عنها -: قد علم النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم - أنّ أبويّ لم يكونا يأمراني بفراقه".
قال في "الفتح": هكذا بت المصنّف الحكم في هذه المسألة، فاقتضى أن لا صريح عنده إلا لفظ الطلاق، أو ما تصرّف منه، وهو قولى الشافعيّ في القديم، ونصّ في الجديد على أن الصريح لفظ الطلاق، والفراق، والسراح؛ لورود ذلك في القرآن بمعنى الطلاق. وحجة القديم أنه ورد في القرآن لفظ الفراق والسراح لغير الطلاق، بخلاف