قال: وَقَدْ تَبَيّنَ بِهَذَا أَنَّ فِي الْحَدِيث الَّذِي أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، مِنْ طَرِيق عَبْد الصَّمَد بْن عَبْد الْوَارِث، عَنْ هِشَام، عَنْ قَتَادَةَ,، عَنْ أَنَس، قال:"نَهَى رَسُول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - عَنْ الْمُثْلَة"، إِدْرَاجًا، وأنَّ هَذَا الْقَدْرَ مِنْ الْحَدِيث، لَمْ يُسْنِدْهُ قَتَادَةُ، عَنْ أَنَس، وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ بَلَاغًا، ولَمَّا نَشِط لِذِكْرِ إِسْنَادِهِ سَاقَهُ بِوَسَائِطَ إِلَى النَّبِيِّ - صلى اللَّه عليه وسلم -. انتهى كلام الحافظ -رحمه اللَّه تعالى- عنه بالاختصار (١).
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: لكن الحديث، وإن كان في إسناده العلّةُ المذكورة، صحيح، لأنه قد أخرجه البخاريّ في "صحيحه"، من حديث عبد اللَّه بن زيد الأنصاريّ، فقال:
حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا شعبة، حدثنا عدي بن ثابت، سمعت عبد اللَّه ابن يزيد الأنصاريّ -وهو جدّه أبو أمه- قال:"نهى النبيّ - صلى اللَّه عليه وسلم -، عن النهبى والمثلة".
ومن حديث سمرة بن جندب، وعمران بن حصين، عند أبي داود، وأحمد، ولفظ أبي داود من طريق قتادة، عن الحسن، عن الْهَيَّاج بن عمران، أن عمران أبق له غلام، فجعل للَّه عليه، لئن قدر عليه ليقطعن يده، فأرسلني لأسأل له، فأتيت سمرة بن جندب، فسألته، فقال: كان نبي اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يحثنا على الصدقة، وينهانا عن المثلة، فأتيت عمران بن حصين، فسألته، فقال: كان رسول اللَّه - صلى اللَّه عليه وسلم - يحثنا على الصدقة، وينهانا عن المثلة.
والحاصل أن حديث الباب صحيح من حديث هؤلاء الصحابة - رضي اللَّه تعالى - عنهم، وأما من حديث أنس - رضي اللَّه تعالى عنه -، فقد عرفت أنه معلّ، فتبصّر. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا باللَّه، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
١١ - (الصَّلْبُ)
قال الجامع - عفا اللَّه تعالى عنه -: "الصَّلْب" -بفتح الصاد المهملة، وسكون اللام-: مصدر صَلَبَ، يقال: صلبت القاتل صَلْبًا، من باب ضرب: إذا شددت أطرافه وعلّقته على شيء، فهو مصلوب، وصلّبته بالتشديد مبالغة. واللَّه تعالى أعلم بالصواب.