قَالَ وليّ الدين: وما أدري أيّ موجب لصرف اللفظ عن ظاهره، والاستعمال الذي ذكروه فِي تسمية الشراء بيعًا، وإن كَانَ صحيحًا، ولكن عكسه أشهر منه، وَقَدْ ردّ ذلك ابن عبد البرّ، وكون البيع عَلَى البيع لا يغلب وقوعه مردود، وبتقدير ذلك، فهذا لا يقتضي أنه لا يُنهى عنه. انتهى.
وقوله:"أو يذَرَ": أي يترك البيع. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.
"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".
…
٢١ - (النَّجْشُ)
بفتح، فسكون، أو بفتحتين، سيأتي معناه قريبًا.
٤٥٠٧ - (أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنِ النَّجْشِ").
هَذَا السند سبق البحث فيه فِي الباب الماضي، وهو (٢١٨) منْ رباعيات الكتاب. والله تعالى أعلم.
شرح الْحَدِيث
(عَنِ ابْنِ عُمَرَ) رضي الله تعالى عنهما (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-: "نَهَى عَنِ النَّجْشِ") قَالَ النوويّ رحمه الله تعالى: -بنون مفتوحة، ثم جيم ساكنة، ثم شين معجمة-: هو أن يزيد فِي ثمن السلعة، لا لرغبة فيها، بل ليخدَع غيره، ويَغُرَّه ليزيد، ويشتريها.
وأصل النجش: الاستثارة، ومنه نَجَشت الصيد أَنجُشُه بضم الجيم، نَجْشًا: إذا استثرته، سُمِّي الناجش فِي السلعة ناجشا؛ لأنه يُثير الرغبة فيها، ويرفع ثمنها. وَقَالَ ابن قتيبة: أصل النجش: الْخَتْلُ، وهو الخداع، ومنه قيل للصائدة ناجش؛ لأنه يَختِل الصيد، ويختال له، وكلُّ منْ استثار شيئًا، فهو ناجش. وَقَالَ الهروي: قَالَ أبو بكر: النجش المدح، والإطراء، وعلى هَذَا معنى الْحَدِيث: لا يمدح أحدكم السلعة، ويزيد فِي ثمنها بلا رغبة، والصحيح الأول. انتهى "شرح مسلم" ١٠/ ٣٩٩.
وَقَالَ فِي "الفتح" ٥/ ٩٠ - بعد ذكر ما تقدّم: ما نصه: ويقع ذلك بمواطاة البائع،