للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الآية ما يدل عَلَى ذلك، وهو قوله تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢]، فجعله جزاء للمداينة، مذكورا بعدها بفاء التعقيب.

[الحال الثاني]: أن يقع الرهن مع العقد الموجب للدين، فيقول: بعتك ثوبي هَذَا بعشرة إلى شهر، ترهنني بها عبدك سعدا، فيقول: قبلت ذلك، فيصح أيضا، وبه قَالَ مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي؛ لأن الحاجة داعية إلى ثبوته، فإنه لو لم يعقده مع ثبوت الحق، ويشترط فيه لم يتمكن منْ إلزام المشتري عقده، وكانت الخيرة إلى المشتري، والظاهر أنه لا يبذله، فتفوت الوثيقة بالحق.

[الحال الثالث]: أن يرهنه قبل الحق، فيقول: رهنتك عبدي هَذَا بعشرة تقرضنيها، فلا يصح فِي ظاهر المذهب، وهو اختيار أبي بكر، والقاضي، وذكر القاضي أن أحمد نص عليه فِي رواية ابن منصور، وهو مذهب الشافعيّ، واختار أبو الخطاب أنه يصح، فمتى قَالَ: رهنتك ثوبي هَذَا بعشرة، تقرضنيها غدا، وسلمه إليه، ثم أقرضه الدراهم، لزم الرهن، وهو مذهب مالك، وأبي حنيفة؛ لأنه وثيقة بحق، فجاز عقدها قبل وجوبه، كالضمان، أو فجاز انعقادها عَلَى شيء، يحدث فِي المستقبل، كضمان الدرك.

قَالَ: ولنا أنه وثيقة لحق لا يلزم قبله، فلم تصح قبله، كالشهادة، ولأن الرهن تابع للحق، فلا يسبقه كالشهادة، والثمن لا يتقدم البيع، وأما الضمان فيحتمل أن يمنع صحته، وإن سلمنا فالفرق بينهما أن الضمان التزام مال، تبرعا بالقول، فجاز منْ غير حق ثابت، كالنذر، بخلاف الرهن. انتهى "المغني" ٦/ ٤٤٤ - ٤٤٥. وهو بحث نفيس والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

"إن أريدُ إلا الإصلاح، ما استطعتُ، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكّلت، وإليه أنيب".

٥٩ - (الرَّهْنُ فِي الْحَضَرِ)

قَالَ الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "فِي الحضر" إشارة إلى أن التقييد بالسفر فِي الآية، خرج مخرج الغالب، فلا مفهوم له؛ لدلالة الْحَدِيث عَلَى مشروعيته فِي الحضر. قاله فِي "الفتح" جـ ٥/ ص ٤٣٨. والله تعالى أعلم بالصواب.

٤٦١٢ - (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَ