منْ مكارم الأخلاق، والإحسان العام، فإنه كره أن يرُد العبد خائبًا عما قصده، منْ الهجرة، ومصاحبته صلّى الله تعالى عليه وسلم، فاشتراه ليُتمّ له غرضه. (ومنها): جواز بيع عبد بعبدين، سواء كانت القيمة متّفقةً، أو مختلفةً، وهذا مجمع عليه، إذا بيع نقدًا، وكذا حكم سائر الحيوانات، فإن باع عبدًا بعبدين، أو بعيرًا ببعيرين إلى أجل، فمذهب الجمهور جوازه. وَقَالَ أبو حنيفة، والكوفيون: لا يجوز، وفيه مذاهب لغيرهم، سيأتي تحقيقها، مع أدلّتها فِي محلّها، منْ "كتاب البيوع"، إن شاء الله تعالى.
(ومنها): ما قاله القرطبيّ رحمه الله تعالى: فيه دليلٌ عَلَى أن الأصل فِي الناس الحرّيّة، ولذلك لم يسأله النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم إذ حمله عَلَى ذلك الأصل، حيث لم يَظهر له ما يُخرجه عن ذلك، ولو لم يكن الأمر كذلك لتعيّن أن يسأله. وهذا أصل مالك فِي الباب، فكلُّ منْ ادّعى ملك أحد منْ بني آدم كَانَ مدفوعًا إلى بيان ذلك، لكن إذا ناكره المدّعى رقّه، وادّعَى الحرية، وسواء كَانَ ذلك المدّعى رقّه ممن كثُر ملك نوعه، أو لم يكن، فإن كَانَ فِي حوز المدّعِي لرقّه كَانَ القول قوله، إذا كَانَ حَوْز رقّ، فإن لم يكن، فالقول قول المدّعَى عليه مع يمينه. انتهى (١). (ومنها): أنه -صلى الله عليه وسلم- لا يعلم منْ الغيب إلا ما أعلمه الله تعالى، حيث إنه بايع هَذَا العبد، ولم يعلم بحاله. (ومنها): الأخذ بالأحوط؛ لأنه صلّى الله تعالى عليه وسلم كَانَ بعد ذلك لا يبايع أحدًا حتى يسأل أهو عبدٌ؟. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".