السياحة في الأرض، ويبلغون النبي -صلى الله عليه وسلم- سلام من سلّم عليه من أمته.
ومنها: بيان فضل من يسلم عليه -صلى الله عليه وسلم- من أمته، حيث إن سلامه يبلغ إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه يردّ عليه بنفسه، كما ثبت ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من أحد يسلّم علي إلا ردّ الله عليّ روحي، حتى أردّ عليه السلام". رواه أبو داود بإسناد حسن. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
المسألة الرابعة: أن حديث الباب يدل على جواز إفراد السلام من الصلاة، كعكسه من غير كراهة، وقد صرح النووي رحمه الله في "الأذكار" وغيره بكراهة إفراد أحدهما عن الآخر، فلا يقل: صلى الله عليه، فقط، أو عليه السلام فقط، واستدلّ على ذلك بورود الأمر بهما في الآية.
"قال الحافظ رحمه الله: وفيه نظر، نعم يكره أن يفرد الصلاة، ولا يسلّم أصلاً، أما لو صلّى في وقت، وسلّم في وقت آخر، فإنه يكون ممتثلاً. انتهى. نقله السخاوي رحمه الله في "القول البديع" ص ٣٥.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بكراهة الإفراد مما لا دليل عليه، فالصواب ما قاله الحافظ رحمه الله تعالى.
والحاصل أن إفراد الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو إفراد السلام جائزان بلا كراهة، لحديث الباب، ولما يأتي من الأحاديث في الأبواب الآتية، كقوله: "أُمرنا أن نصلي عليك، ونسلّم، أما السلام فقد عرفناه" … الحديث. وكقوله -صلى الله عليه وسلم-: "والسلام كما قد عُلِّمتم"، فقد صرّح بكون تعليم السلام تقدم على تعليم الصلاة، فأُفرد التسليم مدّةً في التشهّد قبل الصلاة عليه، فدلّ على جواز إفراد أحدهما عن الآخر.
وأما الاقتران في الآية فلا يدلّ على أكثر من استحباب الجمع بينهما. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
"إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت، وما توفيقي إلا بالله، عليه توكلت، وإليه أنيب".
…
٤٧ - (فَضْلِ التَّسْلِيمِ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-)